مقدمات : لحوار شامل عن المسرح قد يكون الحديث عن المسرح , بعد كل المناقشات التي دارت بين المثقفين و المسرحيين العرب أثناء و بعد انعقاد مهرجان دمشق للفنون المسرحية بمثابة التكرار , ذلك أن الحوار الذي جرى بينهم كان شاملا لكل الخطوط العريضة للمسرح العربي و جزئياته . لكن ما كتب عن المسرح في سورية في كل الصحف و المجلات بعد انتهاء مهرجان دمشق للفنون المسرحية العربية يجعلنا نتساءل عن موقع هذا المسرح ... و أهدافه , ان كان ذلك فيما يتعلق "بالمادة التي تقدم , أم بالجمهور " . أسعد فضة .. مدير المسرح القومي أجاب عن سؤالين كانا بمثابة البداية لحوار طويل مفتوح لكل العاملين في المسرح .. · كيف يتم التخطيط للمواسم المسرحية في المسرح القومي ؟ · أثر مهرجان دمشق للفنون المسرحية على المسرحيين و المسرح عندنا ؟ ظل المسرح منذ انشائه و حتى عدة سنوات تلت لا يستطيع أن يضع برنامجا يتخطى الثلاثة أشهر , وخلال الأشهر الثلاثة يشرع في إكمال ما تبقى من برنامجه . و من خلال معاناة هذا الوضع و تصور الوضع الأفضل وهو ان أي مسرح لكي يحقق في النهاية نتائج يمكن تقييمها لا بد له أن يعرف الخط المتطور الذي يجب أن يسير فيه على المدى البعيد , ومن معرفة برنامجه السنوي أيضا على المدى القريب بدءا من نوعية المسرحيات التي يقدمها و حجم موسمه بالنسبة لعدد المسرحيات و مدة عروضها و تحديد ارتباطاته الأخرى الى برنامج تدريباته و البحث عن وسائل تطوير عناصره . و الآن اطرح السؤال اين المسرح القومي مما ذكرت ؟ على المدى البعيد هناك تصور للخط المتطور المفروض على المسرح القومي أن يسير فيه تتلخص ملامحه بإيجاز في عدة نقاط اذكر منها على سبيل المثال : 1- الجمهور : لابد للمسرح أن يخلق علاقة جدلية بينه و بين الجمهور يترتب على هذه العلاقة أن يكون المسرح لكل الناس ما أمكنه ذلك , و أن يربي جمهورا مسرحيا عريضا على أسس سليمة بعيدة عن الدغدغة و التضليل و التعالي و الاسفاف و البساطة الساذجة . 2- الغذاء الفكري و الفني : على المسرح أن يقدم لجمهوره غذاء فكريا و فنيا يتصف بالتقدمية و النقاء و الوضوح على أن يقدم ذلك في قالب ممتع يتقبله الجمهور و يهضمه بيسر و سهولة . ولا يمكن أن يتم ذلك اذا لم يتوفر شرطا أساسيا هو أن يعالج العمل الفني كل الوسائل المرضية في تكوين الانسان و خلق عناصر الصحة عنده , و بمعنى آخر أن ينبع العمل الفني من انساننا ليعود إليه . 3- تطوير المسرح ( عناصره ووسائله ) . - تطوير العاملين في المسرح و اغناء كوادره . - تطوير وسائله التقنية من أجهزته الى أبنيته . وعلى المدى القريب فقد توصل المسرح القومي الآن الى وضع خطة سنوية لبرنامج عمله تتلخص في : 1- تحديد حجم موسمه على الشكل التالي : 1- يقدم المسرح القومي موسما مسرحيا في العاصمة يتألف من أربع مسرحيات جديدة ضمن الهدف الذي ذكرته من قبل قليل , ثلاثة للموسم وواحدة لمهرجان دمشق على أن تعرض في الموسم الذي يلي المهرجان . 2- اعادة عرض مسرحية أو مسرحيتين من " روبورتوار " المسرح لكي يبقى تراث المسرح حيا متجددا , و تبقى علاقة الجمهور بهذا التراث قائمة . 3- تحديد ارتباط المسرح بجولاته خارج القطر خلال شهر تشرين الأول 4- تحديد مدة الموسم المسرحي في العاصمة ابتداء من اوائل شهر تشرين الثاني لغاية النصف الثاني من شهر آذار . 5- جولة المحافظات : بعض المحافظات خلال النصف الثاني من شهر آذار و البعض الآخر خلال شهر أيار لغاية حزيران . 6- الارتباط بمهرجان دمشق للفنون المسرحية خلال شهر نيسان . 7- خلال شهر حزيران و بعد الجولة اجتماعات عناصر المسرح لتقييم الموسم السابق و جولة المحافظات و بحث الموسم الجديد . 8- اجازة المسرح ابتداء من أول تموز لغاية العشرين منه . 9- البدء بالتدريبات على الموسم الجديد بعد الاجازة لغاية سفرة خارج القطر في شهر تشرين الأول ثم البدء بالموسم في بداية تشرين الثاني . و استمرار التدريبات خلال الموسم . المسرحيات تختار من الأدب العالمي و العربي و المحلي , على أن تقوى الدعامة الأساسية لنهضة المسرح و هي المؤلف المحلي , وطبعا هناك بعض العقبات تقف في طريق تنفيذ هذا البرنامج نحاول التغلب عليها , منها : توسيع كادر المسرح – تنفيذ ارتباطاته خارج القطر – تنسيق عمل عناصر المسرح في المؤسسات الفنية الأخرى اذ لابد لهذه المؤسسات من الاعتماد على عناصر المسرح نظرا لجودتها و لقلة العناصر الفنية في بلدنا نسبيا , عدم وجود معهد يرفد الحركة المسرحية بعناصر جديدة . ان ما يغني الحركة المسرحية العربية هي اللقاءات المسرحية بوجوهها المختلفة من تبادل الخبرات الى تبادل النصوص الى لقاءات المسرحيين العرب مع بعضهم و مع الجمهور العربي في كل الأقطار العربية سواء عن طريق لقاءات فردية للفرق أو لقاءات جماعية كما في مهرجان دمشق للفنون المسرحية , ومما لا شك فيه أن الظاهرة الفنية و الثقافية المتوفرة في مهرجان دمشق للفنون المسرحية و المهرجانات الأخرى المماثلة هي أنجح و أقوى الوسائل لتطوير الحركة المسرحية , واعتقد أن أثر ذلك على المسرحيين واضح , فمن خلال لقاءات خبرات المسرحيين العرب مجسدة على خشبة المسرح و تفاعل آرائهم خلال المهرجان و تركيز الأضواء على سلبيات و ايجابيات المسرح العربي يساعد المسرحيين على تخطي العقبات التي يعاني منها المسرح العربي , ويساعد ايضا كل مسرح عربي على حدة أن يعالج مشاكله مستفيدا من تجربة المسارح العربية الأخرى . هناك جانب آخر لا يمكن اغفاله وهو الحافز الذي يخلقه مهرجان دمشق لدى المسارح العربية للإنتاج الأفضل و الأمثل و الأكمل .
منيف حسون |