مشروع العمر لم يتحقق بعد لا تزال أعماله تسكن الذاكرة , ومازال يعتلي عرش الدراما , تلفزيونيا و سينمائيا و مسرحيا متسلحا بموهبة فذة , و حرفية لا تكاد تضاهى , وحضور شخصي آسر يأخذك الى عوالم الفن الحقيقي . يتقن عمله , ويخلص له , وقد حباه الله كاريزما تضاف الى مقومات نجاحه ... مع الفنان القدير أسعد فضة كان اللقاء : أين تجد نفسك , وقد عملت في المسرح و السينما و التلفزيون إضافة الى الإخراج و الإدارة ؟ أرى نفسي في جميع هذه الأماكن , وفي كل مهمة توكل إلي و يصبح هاجسي الوحيد هو النجاح في مهمتي , و أحرص أشد الحرص على النجاح , رما أفشل و لكن مع ذلك فأنا لست مع الرأي الذي يقول " أرى نفسي هنا , ولا أرى نفسي في مكان آخر , بل يجب أن نضع أمام أنفسنا النجاح أينما كنا . ما رؤيتك لمشروع العمر ؟ لا يوجد لدي مشروع اسمه مشروع العمر , فكل مشروع أقوم به , هو أكثر طموحا من سابقه , و عندما اسأل ماذا يمكن أن تعمل بعد شخصية معينة أقول يمكنني أن أعمل أفضل منها , وهذا طبعا يتبع للظروف , ولا أحب الحديث عما مضى من أعمال , لأنها أصحبت ملكا للجمهور , وهو من يحكم و يقيّم . و مشروع العمر لم يتحقق بعد , فلو تحقق تكون النهاية , و أنا دائم التفاؤل بالمستقبل , وعلى الانسان أن يمتلك التفاؤل فيما يتعلق بمهنته و عمله . و رغم وجود الكثير من السلبيات في الوسط الفني , وتحفظي على ما يجري بالنسبة لمهنة و تطويرها , والعمل على طريقة الحفاظ على ما وصلنا اليه و التطلع للمستقبل , وكيف يمكننا الاستمرار بهذه الوتيرة من النجاح لكن هذه التحفظات لا تجعلني أصل الى درجة التشاؤم طالما لدينا طاقات فنية و إبداعية متميزة . كيف نحافظ على سوية الدراما في سوريا ؟ هذا يحتاج الى استراتيجية من الفنانين و الجهات المعنية من الرسميين و الخاصة بهذا الشأن , وهذه الاستراتيجية تعتمد على أسس أهمها : أن نعي المحيط الذي نحن فيه (التلفزيون مثلا ...) و ما تقوم به الشركات و الفضائيات و غيرها . و نكون على دراية لدرجة دراسة هذا الواقع و معرفة كيفية التحكم فيه , إضافة الى المحافظة على الطاقات الابداعية الموجودة و رعايتها و السعي لتطويرها و أيضا تسويقها . و يجب بعد ذلك تأمين القاعدة الاقتصادية التي بإمكانها أن تحقق انتاجات على سوية عالية , لنصل بالعمل الى درجة المنافسة مع المحيط الذي نحن فيه . و ثمة أمر آخر لا يمكن تجاهله وهو ضرورة التعاون بين القطاعين العام و الخاص على أسس واضحة , وألا يدير القطاع العام ظهره للقطاع الخاص ليفعل ما يريد , فالقطاع الخاص يمول غالبا من خارج سوريا , فإذا انقطع هذا التمويل , ما البديل لتلافي هذا الوضع يجب أن يؤخذ بعين الاهتمام و الحرص . و أخيرا , التنسيق في العمل بين الشركات , فلا يمكن أن تتزاحم أكثر من شركة على إنتاج العمل نفسه , وإن كان لكل فنان رؤيته في العمل , لكن يجب أن توظف هذه الرؤية بعمل آخر . إذا وجود الاستراتيجية ضرورة لا بد منها , لأنها تحقق الحماية للفنان و لشركات الانتاج , و تحقق حماية للجميع , وبوجودها ينجح الجميع . هل بغياب الاستراتيجية تكون الدراما بخطر ؟ هي ليست في خطر , ولكن يخشى على الدراما , وخصوصا بعد دبلجة المسلسلات المكسيكية و التركية , رغم أن هذه الدبلجة تشكل مصدر رزق للعديد من الفنانين فهل نفكر بدبلجة أعمالنا الى لغات أخرى , وهل يمكن تقنين هذا الموضوع و التعامل معه بشكل يكون رديفا للدراما العربية و ليس ضده , أو يحل محله . إذا هناك أمور كثيرة تجعلنا نشعر بالخشية على الدراما العربية بشكل عام و لكن لا تشكل خطرا , ولا اجد ضيرا من عمل الفنان السوري في الدراما المصرية , بل نحن نسعى لأعمال مشتركة , وهذا شيء جد إيجابي , و الفنانون الذين يعترضون على ذلك سواء من مصر أم سوريا , ذلك يعد تسويقا لأنفسهم لا أكثر. توجه بعض كتّاب الدراما لمرحلة الشباب و بذلك فقد جزءا كبيرا من فناني الرعيل السابق فرصتهم بالعمل , كيف تفسر هذا الأمر ؟ المجتمع ليس شبابا فحسب , أو كهولا أو متوسطي العمر فقط , فالحياة هؤلاء جميعا , لكن بعض القضايا تعترض نفسها , من مثل "شباب عاطلون عن العمل " .. وهذا ليس سلبا , ولكن السلب أن نركز على عادات انقرضت في المجتمع كسلوك الحارة الشامية , و مسلسل " أبو كامل " هو أول من طرح الحارة الشامية , وهذه الحارة تضم "المثقف , و المجرم , و التاجر , و المرأة الفاضلة , و المقهورة , لكن عندما أكرس وضع المرأة المقهورة فهذا أمر غير حضاري . ماذا بشأن المسرح , وهل هناك نية لإعادة ألقه ؟ نحن في استراحة المحارب , عندما يوجد العمل الجيد , سنجد اقبالا جماهيريا كبيرا , فالمشكلة ليست في الجمهور و لدينا طاقات إبداعية شبابية تجيد العمل في المسرح , لكن عندما تتجه هذه الطاقات الى التلفزيون فهذه تشكل مشكلة حقيقية , ولتلافي هذه المشكلة اقترحت عندما كنت أدرس في المعهد شرطا على خريج المعهد أن يعمل على الأقل سنتين في المسرح مع عمله بالتلفزيون و المرافق الأخرى , لأن المسرح يصقل المواهب , فالمعهد يعطيه جواز عبور , و المسرح يصقل موهبته . فاتن دعبول |