مسرح | سينما | دراما | مع الصحافة والنقاد | قول على قول | قيل في اسعد | قراءات | معلومات شخصية | صور شخصية | الاتصال بي


سيرته الشخصية .. سيرة لتاريخ المسرح السوري في نصف قرن

أسعد فضة : الفن لا ينفصل عن الواقع وكل فنان يقرأ الواقع وفقا لتجربته

يروي الفنان أسعد فضة تجربته الشخصية كمن يروي تفاصيل فترة مهمة في تاريخ المسرح السوري , أرسيت خلالها البنية التحتية للحركة المسرحية في سوريا خلال نحو نصف قرن لم تثمر عن حراك مسرحي لافت و حسب و إنما أسست لحالة فنية على صعيد السينما و التلفزيون و الإذاعة , و أفرزت نجوما للدراما السورية ذاع صيتهم في كل أنحاء الوطن العربي .

ولعل من مفارقات الاستماع للفنان أسعد فضة , والتي تدعونا لتقدير تجربته , هو أن هذا الأخير كان كلما أعلن عن نيته الحديث عن تجربته الشخصية , سرعان ما يغادر التفاصيل الشخصية ليتحدث عن الشأن الفني العام السوري الذي عمل فيه منذ سنوات مبكرة من عمره , ولم يغادره إلا بعد فترة طويلة أعطى خلالها من سنوات عمره الكثير للحركة الفنية , ولا غرابة في ذلك , سيعلق الفنان فضة في نهاية مداخلته , ف " مسيرة عملي كانت في الشأن العام , وحياتي كذلك , ولا يمكن أن أفصل بين الشأن العام و العمل الإبداعي , ولا يمكن أن أكون مبدعا في شغلي وفي فني ما لم أكن مبدعا و ناجحا في عملي الإداري "

نقيب الفنانين السوريين السابق , و أبرز من تولى مهام إدارة العمل الفني في سوريا , رجل المسرح و التلفزيون الأول أسعد فضة كان على موعد مع جمهور مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما في الإمارات العربية المتحدة , في ندوة أدارها الشاعر و الزميل الإعلامي زاهي وهبي , حيث بدأ الرجل حديثه عن البذرة الأولى التي أنبتت في قلبه حب الفن , كان ذلك في مدرسته الخاصة في مدينة اللاذقية , حيث كان عليه أن يتعلم الفرنسية , كما يقتضي منهاج مدرسته , من المسرح الفرنسي , فتعرف على مسرحيين فرنسيين كبار من أمثال موليير.. ولم يكن قد تجاوز مرحلة دراسته الثانوية بعد , ويبدو أن هؤلاء قد أثاروا في قلب الشاب الرغبة بأن يصاحب الفن و يعشقه , وهو الأمر الذي ظهر جليا حين اختار التمثيل و الإخراج مادة لدراسته العليا المتقدمة , رغم أن مجايليه كانوا يسعون في ذلك الى دراسة الطب .

نتيجة الوحدة بين سوريا و مصر , ستبدأ دراسة أسعد فضة من القاهرة و منها سينتقل الى باريس لمواصلة دراسته العليا , كان ذلك في بداية الستينيات , وكان الجو الثقافي في مصر وقتها في أوجه , الأمر الذي ساعد فضة في أن ينهل علومه من أساتذة كبار منهم نبيل الألفي و محمود مرسي , و محمد مندو .. وعلى يد هؤلاء تعرف على كبار المسرح العالمي , واطلع على عروض مسرحية محلية و عالمية أغنت تجربته .

في سوريا , سيبدأ أسعد فضة مشواره العملي الحقيقي .. يقول الفنان فضة : كانت وزارة الثقافة وقتها حديثة العهد , وكان علينا أن نهيئ  كل شيء من أجل العمل في المسرح , ولم يكن في دمشق وقتها سوى مسرح القباني , فسعينا لبناء مسارح , وريثما ننجز المهمة لم يكن أمامنا مفر من البحث عن مكان بديل , وهو ما وجدناه في سينما الحمراء ... فجعلنا منها مسرحا و بدأنا بالبحث عن البنى التحتية الأخرى اللازمة لعملنا , فأسسنا مجلة الحياة المسرحية و تواصلنا مع الصحف الرسمية لدرجة أن إحدى الصحف المحلية خصصت لنا صفحة أسبوعية كنا نكتب فيها أنا و الراحل سعد الله ونوس .

مع بدء العمل في المسرح , سيرى أسعد فضة أن المسرح السوري لم يزل يحتاج لاستحقاق أساسي إنشاء معهد عال للفنون المسرحية ,و "من دونه كنا نجزم بأننا لن نتقدم " بقول فضة ," فاشتغلت على إنشاء المعهد , وفي الطريق الى إقرار إنشائه , جعلنا المسرح القومي بمنزلة أكاديمية , فكان كل عرض يجري فيه يتحول الى دورة تدريبية للمشتغلين فيه ".

الى فرنسا سيسافر أسعد فضة لمتابعة دراسته العليا , وسيغيب سنتين قبل أن يستدعيه وزير الثقافة بين العامين 1966 – 1967 ليتولى مهام إدارة المسرح القومي , حيث نجح في تفريغ الممثلين خصيصا للعمل في المسرح , وبدأ العمل على النصوص المسرحية , ابتداء من النصوص العالمية .

طموح أسعد فضة تجاوز انشاء المعهد وتنفيذ مسرحيات سورية الى إقامة مهرجان مسرحي عربي , يقول الفنان فضة : أردت أن نجتمع كأسرة عربية مسرحية في دمشق , فكان  مهرجان دمشق المسرحي الذي أطلقته نقابة الفنانين في سوريا , ومن خلاله استطعنا أن نعرض المسرح السوري في البلدان العربية , وكان المهرجان من دون جوائز لذلك كان المهرجان مهرجان حب و ابداع و سهر , ومن خلاله اكتشفنا مبدعين عربا هم اليوم نجوم للمسرح العربي .

مع انتقاله الى إدارة مديرية المسارح والموسيقا في سوريا , قام أسعد فضة بتأسيس المسرح التجريبي في سوريا , وقد تحمس الكاتب الراحل سعد الله ونوس للفكرة , و تولى إدارة المسرح التجريبي , وخصص مسرح القباني له .

حتى العام 1976 يقول أسعد فضة : كنت قد ضربت بالعمل في التلفزيون عرض الحائط , ولكنني كنت أعمل في الإذاعة في برنامج يومي اسمه " الأرض الطيبة " والذي استمرت إذاعته نحو سبع سنوات , الى أن جاء المرحوم محمدو دياب بنص " انتقام الزباء " وقدمه للتلفزيون بشرط واحد هو أن يجسد أسعد فضة شخصية زبداي .. ومع هذا الدور بدأت تجربتي في التلفزيون .

في هذه الفترة اشتغل أسعد فضة للمسرح عددا من المسرحيات منها " الملك هو الملك " و " سهرة مع أبي خليل القباني " و يبدو أنه اختص وقتها بمسرح سعد الله ونوس .. كما قدم " عرس الدم"

للوركا .. وعددا من النصوص المسرحية السورية .

في العام 1976 , وخلال أيام مهرجان دمشق المسرحي , أعلن عن إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية , وتولى التدريس فيه الى جانب أسعد فضة الراحل فواز الساجر .. وقد تم اختيار مبنى لمحافظة دمشق في دمر مكانا للمعهد , و تم اختيار الدفعة الأولى للمعهد التي تخرجت و قدمت للفن السوري أشهر نجومه منهم الفنانون أيمن زيدان , جمال سليمان , فايز قزق وآخرون .

كتب أسعد فضة للمسرح كما مثل فيه و أخرج له .. و يقول الرجل إنه في كل مسرحياته كان يتوخى التوازن بين ما هو جماهيري وما هو فني .

في التلفزيون سيعمل أسعد فضة وفق آلية اختيار دقيقة لأعماله , فكان انتقائيا لما يعرض عليه من نصوص .. وقد ساعده الاختيار - كما يقول - على تحقيق النجاح في التلفزيون .

أما السينما , ورغم انتاجها القليل , فقد عمل أسعد فضة في أكثر من فيلم سينمائي , واستطاع الرجل أن ينال جوائز على أعماله فيها .. و من تلك الأعمال " ليالي ابن آوى " و " رسائل شفهية "

و " قمران و زيتونة " و " القلعة الخامسة " .

مداخلات الندوة تركزت في معظمها على أهمية تجربة الفنان أسعد فضة وعلى جاذبيته ممثلا , وملهما لمن يقف أمامه , فضة , وعلى أنه واحد من الأساتذة الكبار .. فيما قال الفنان فضة , ردا على أسئلة المتداخلين : ان الفنان عندما يصاب بالإحباط يخسر المعركة , و الفن لا ينفصل عن الواقع وكل فنان يقرأ الواقع وفقا لتجربته و ثقافته و انتمائه .