أسعد فضة : لا يمكن فصل الفن عن السياسة الفنان الكبير أسعد فضة عرفناه ممثلا و مخرجا مسرحيا و تلفزيونيا ومديرا للمسارح و الفنون , فكان في كل الأدوار التي أوكلها الى نفسه أو – أوكلت اليه – غاية في المهارة و الذوق و الإبداع و إذ يتحدث هذا الفنان القدير يدرك السامع أن حديثه لا يقل أهمية عن كل أدواره السابقة , ذلك انه حديث المجرب العارف و المخضرم المثقف الذي قدم عصارة أيامه و جهده للفن وأعطى و لا يزال , وفي حواره حول التمثيل و الإخراج , المسرح , والتلفزيون ثمة مسائل ثقافية هامة قدمها عبر تلفزيون " المستقبل " و أكد من خلالها على أهمية السعي و المثابرة لخدمة المشروع الثقافي العربي ورأى أن الفن عموما يتجه الى الأمام , وقال بضرورة التجريب , و البحث و حسن الاختيار من قبل الفنانين لأعمالهم , وفتح المجال رحبا أمام جيل الفنانين الشباب الذين يشكلون دفقا جديدا للحركة الفنية و تطويرها , واستمرارها من أجل بعث الحركة الثقافية العربية متلازمة مع أهمية الجوانب الأخرى من مظاهر الحياة كافة . تحدث عن الرغبة لدى الفنان , وأهمية قدرته على الاصرار و المتابعة و رأى أن الامكانات المتواضعة يجب ألا تشكل عائقا – كما أثبت الذين أرسوا قواعد المسرح في سورية و كان " أسعد فضة " واحدا منهم .. أما بخصوص ذيوع الممثل و انتشاره فقال : ليس ذلك مطلبا لذاته , لأن تحقيق النوعية و التمايز هو الذي يشكل في النهاية القيم الفنية , وتجعل من الفنان صاحب موقف يتعارض مع الواقع من أجل مستقبل أفضل , وإذا كان كما يقال "الجنون فنون " فإنه ينظر الى الجنون الفني على أنه تجسيد لذلك الصراع الدائم بين الواقع و الحلم الذي يحمل توق الفنان للخلاص .. وهذا ما تتوالد عنه شرارة الإبداع , أما النجومية , فهي عرض زائل كما الانتشار , وعن حرية الفن و علاقته بالسياسية , يرى الفنان أسعد فضة أن الفن عالم رحب يتسع للجميع , ومن حق الفنان أن يمارس عمله بالأسلوب الذي يريد ويراه مناسبا لتطوير الحركة الفنية , فهو يؤكد على حرية الاختيار بما يحقق أهداف الفن , ومن جهة ثانية يقول بصعوبة فصل الفن عن السياسة " غير ممكن " على اعتبار أن الفن موقف يعبر عن الذات , ويتواصل مع الآخرين , ويلتقي بشكل أو بآخر مع حلقات الاحتياجات الانسانية الأخرى , لكنه بنفس الوقت ينتقد الفن الذي يعتمد الخطاب السياسي المباشر و الاطناب لأن للثقافة عامة و للفن خصوصا مهمة أسمى , وذكر بهذا الصدد : إن العلاقات الثقافية عبر الأجهزة غير الرسمية قد تضاعفت مع مصر ابان اتفاقات " كامب ديفيد " قال : ساهمنا في الحفاظ على إبقاء مقر اتحاد الفنانين العرب في القاهرة و بتوجيه من السيد " الرئيس حافظ الأسد " لأننا نؤمن ان هذه الظروف السياسية طارئة ولم تكن معبرة عن طموحات الجماهير العربية , وهي بالضرورة الى زوال حتمي , و يمثل هذا الوضع " الثقافة تصلح ما تفسده السياسية " فهما على علاقة بشكل أو بآخر , العمل العربي المشترك مطلب ملح لهذا الفنان المبدع الذي قال : ان مثل هذا العمل يدغدغ مشاعر الفنانين العرب , ونتمنى أن يصار الى تحقيقه , هذه التمنيات التي أرسى قواعدها مهرجان دمشق المسرحي , فكانت دمشق ملتقى المسرحيين العرب و عطاءاتهم , وقد كرس تقاليد مسرحية وكان يؤسس للغة تفاعلية للمسرح العربي , أما عن توقفه : فإن ذلك يعود الى أسباب تراجع المسرح العربي و ليس لأي شيء آخر , و رأى أن الحلول الممكنة للخروج من الحصار على المسرح العربي تكون بإعادة النظر في التعامل مع المسرحيين و تقديم لوائح مسرحية مغرية على النحو الذي تقدمه مكنة التلفزيون , اضافة الى استيعاب مسألة هامة جدا وهي : أن العمل الفني لا يتم بأوامر إدارية , كما أولى للتنظيم قدرة مضاعفة على تسيير الأعمال و إنجاحها و التوفيق بينها , أسعد فضة يعطي الجمهور كل الاهتمام , فهو الغاية لكل عمل انساني لأجله قامت الفنون و له تعرض , و لذلك لابد من البحث المستمر عن أكثر الصيغ الفنية ملاءمة لذوقه .. يرى في الفانتازيا التاريخية .. وجهة نظر عصرية – وعلى حد تعبيره – اذا كنا لا نستطيع إعادة كتابة التاريخ فلم لا يتم استلهامه على نحو فاعل و معاصر عن طريق الفنون . " أسعد فضة " في كل ما قاله , ينم عن وعيه و ثقافته واحاطته بكلمة فن , " معنى ومبنى " و ما ينضوي في طياتها من قيم انسانية نبيلة , استطاع أن يجسدها بملكاته الابداعية اخراجا و تمثيلا و إدارة جعلت منه فنانا متميزا عملا و قولا يجيد الدور الذي يضطلع به , ويضاف الى تجليات وعيه بأهمية الفن في حياة الشعوب , ايمانه بوجود الفنان الآخر الذي يعتبره ضرورة , وقديما قالت العرب في الاختلاف رحمة , وأسعد فضة يقول اليوم : في الاختلاف تطور , وجدة , و استمرار , أما انكار الآخر فإنه مؤشر إفلاس حقيقي , يقول : مساحة الفن ملعب رحب و يتسع للجميع . أسعد فضة بطاقة فنية - خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة 1963 مع دراسة و اطلاع لمدة عام في فرنسا - ممثل و مخرج في المسرح القومي منذ عام 1963 و حتى اليوم - عمل مديرا للمسرح القومي بين عامي 1966- 1974 حيث يشغل منذ ذلك التاريخ مهمة مدير المسارح و الموسيقا - رئيس المركز الدولي للمسرح في سورية - مدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية - أخرج أعمالا عديدة للمسرح القومي منها : الأخوة كارامازوف , دون جوان , سهرة مع أبي خليل القباني , دمشق انتظرناك و الحب جاء , سيزيف الاندلسي , الملك هو الملك , مغامرة رأس المملوك جابر مثل العديد من الأدوار الرئيسية في التلفزيون أهمها : أولاد بلدي , انتقام الزباء , بصمات على جدار الزمن , حرب السنوات الأربع , عز الدين القسام , الجوارح , العبابيد , وله أدوار سينمائية في هدة أفلام سورية ,, القلعة الخامسة , حبيبتي يا حب التوت , ليالي ابن آوى , المطاردة سوري سوفييتي مشترك .
عفراء ميهوب |