الفنان السوري الكبير المكرم "أسعد فضة " المسرح يمكنه مقاومة محاولات الهيمنة تحت ستار العولمة .. و يساهم في حوار الحضارات من بين كبار المسرحيين الذين يكرمهم المهرجان هذا العام يبرز اسم الفنان السوري الكبير أسعد فضة , الذي يشغل منصب نقيب الفنانين السوريين منذ عام 1998 , ويرأس المركز الدولي للمسرح في دمشق منذ عام 1968 و درس أسعد فضة في مصر , وتخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة عام 1963 , ثم ذهب الى فرنسا للدراسة .. وعاد منها ليعمل مخرجا و ممثلا بالمسرح القومي السوري ثم كلف بإدارته بالإضافة الى مسئوليته عن لجنة المسرح في المجلس الأعلى لرعاية الفنون و الآداب . التقت نشرة المهرجان بالمكرم السوري " أسعد فضة " و أجرت معه هذا الحوار ... *كيف ترى المشهد المسرحي العربي الآن ؟ في الحقيقة لابد أن يتفاءل الانسان بالمشهد المسرحي العربي , ولكن بالمقابل لابد أن نضع النقاط على الحروف فيما يتعلق بالمسرح العربي فهو يعاني الكثير من المشاكل , في مقدمتها الإهمال .. ولا يعني أن يكون هناك معاهد و مسارح وفرق أن هناك نهضة مسرحية ... الأزمة الحقيقية أن المعنيين بالمسرح معرضون عنه , ومشغولون بأمور أخرى .. مثل التلفزيون و السينما , لذلك رغم هذا التفاؤل فإن المسرح يتعثر في كثير من الأحيان , ويحتاج الى وقفة للفنان المسرحي .. و ألا يتعلل بمعوقات الإدارة , والمفروض أن يقوم هؤلاء الفنانون بحركة فنية تساعد على نهضة المسرح العربي . جسر للحوار *العالم الآن ملئ بالأحداث السياسية و الضغوط على العالم العربي كثيرة .. فهل تأثر المسرح العربي بتلك الضغوط السياسية ؟ هذه التفاعلات و الممارسات موجودة , وتمارس على الأمة العربية منذ زمن .. وهنا يأتي سؤال : أين المسرح ؟! وأحب أن أؤكد أن المسرح لا يمكن أن يقوم بدور الإعلام لأنه ليس جهازا إعلاميا .. ولكنه يمكن أن يقوم بدور كبير في حوار الحضارات من خلال حركة التجمعات المسرحية , ويكون جسرا للحوار في هذا الجو المليء بالاضطرابات بالإضافة الى استطاعته أن يوجه خطابا مباشرا .. أما فيما يسمى " بالعولمة " فلا بد للإنسان أن يتواصل مع الإنسان للوقوف أمام المحاولة التي تجري للهيمنة على الإنسانية كلها من خلال قوة واحدة , ويجب أن يعلم العرب أننا الأسبق حضاريا .. و أننا مهد الحضارة , المفروض علينا أيضا ألا نخاف من حوار الحضارات . *ولكن هل يعي المثقف العربي كل ما يحدث حوله و إذا كان يدرك .. فلماذا لا نراه ينتج ما يجعلنا نقاوم محاولات الهيمنة التي تتم ؟ الموضوع ليس موضوع نقد أمريكا أو مهاجمتها .. و أنا أضع الحقيقة و أطالب بالمحاورة , وأرى أننا يجب أن نعمل في هذا الاتجاه , ولابد أن يعرف الجميع أن السياسة شيء و الفن شيء آخر , ولا يمكن للفن أو الثقافة أن يجاريا السياسة فالسياسة ليس لديها قانون أخلاقي , أما الثقافة و الفن فلهما ثوابت . أما بالنسبة للمثقف العربي و دوره , فلابد أن بتوافر جو الحرية , الذي يمكن من خلاله أن يقوم بدوره المنوط به . *أثرت في ردك هذا قضية الثابت و المتغير , وهي قضية حولها الكثير من الاختلاف ... فماذا تعني بالثوابت ؟ أنا لا أقصد بالثوابت البعد الأخلاقي , أنا أقصد ضمير الأمة .. أما الثقافة فهي متغيرة بحركة الشعوب . وعندما نتحدث عن المسرح التجريبي مثلا نجد أن التجريب لا يأتي من فراغ .. وإنما نتيجة حركة مجتمع , وأيضا لا يمكن أن يكون هناك تيار تجريبي في المسرح ويكون هناك حركة مسرحية ضعيفة , فالتجريب ينبع دائما من تجديد الحركة المسرحية التي تنتج من خلال حركة المجتمع نفسه . التجريب و حركة المجتمع *وأين " أسعد فضة " من كل هذه القضايا ؟ منذ أن بدأت أعمل في المسرح و أنا أؤمن أن المسرح لا يستمر إلا من خلال التجريب , وفي سوريا مثلا كان لابد من التجريب .. للتعامل مع الأشكال المسرحية الجديدة و الفضاءات المسرحية غير المكتملة , و كنت أتعامل مع الفضاء المسرحي و النص .. لأنه كان لابد من إعادة تفكيك النص و إعادة تركيبه ليلائم المتلقي في ظل التغيرات الاجتماعية الموجودة الآن .. و ما يعنيني في الأساس هو مضمون العمل المسرحي , وأيضا التجريب من خلال تقنيات التمثيل ..والتعامل مع الممثل و تطويره حتى يستطيع التعامل مع مفردات التجريب .. وقد قدمت "عرس الدم" للوركا هذا النص الذي يحمل الخيال و الواقع بشكل تجريبي , و أيضا في " التنين" كنت أجرب من خلال البحث عن افضل الوسائل للتعامل مع الجمهور , فالتجريب عندي ليس هدفا , و إنما وسيلة للوصول للهدف و الذي طور فكري في التجريب هكذا هو حركة المجتمع الذي أحيا فيه , لأنه هو الذي يقوم بتطوير أفكاري .. وعلمني كيف أنقل للجمهور لغة صعبة و يفهمها و عندما أديت دورا تاريخيا في أحد المسلسلات التلفزيونية كان لابد أن أجعل أدائي أداة وصل بين مضمون العمل و المشاهد . ويفهمني الجميع .. رغم ثقل اللغة التي أتحدث بها وأتعامل معهم من خلالها , لأن أمتنا معظمها للأسف لا يعرف القراءة و الكتابة , وقد فعلت هذه التقنية في التعامل مع عرض "الملك هو الملك" تأصيل المسرح العربي *دعاوى التأصيل للمسرح العربي التي حاولها عبد الكريم رشيد وسعد الله ونوس وتوفيق الحكيم , لماذا لم تكتمل حتى الآن ؟ هذا لا يمكن أن يتم .. وما يطرح هو بعد فكري , وكل المبدعين الذين يحاولون تأصيل و تحديث العمل المسرحي مازالوا هم أنفسهم بينهم جدل وكثير من المفارقات , وهذا في حد ذاته يخلق حالة جيدة من الانتاج الثقافي و الفكري لصالح حركة المسرح العربية . *لماذا لا يكون هناك نظرية عربية تحمل منهجا في التمثيل للممثل العربي ؟ ليس بالضرورة أن يتبع الجميع منهج ستانسلافسكي و هناك أيضا بحوث تجاوزت كل هذه المناهج المطروحة .. والتي يعملون من خلالها الآن , ولا يمكن أن نطالب بنظرية خاصة للممثل العربي .. ولا أتصور أن يصل أحد الى منهج للممثل العربي خصيصا , لأن أي منظر لمناهج التمثيل لم يكن يضع ههذا المنهج لجنسية واحدة بالتحديد . *ماذا استفاد المسرحيون العرب من 14 دورة للمهرجان التجريبي ؟ المهرجان التجريبي قدم الكثير للمسرحيين العرب , وهو حدث مسرحي يدعو للسعادة .. ولكن لابد من إعادة النظر في مستوى العروض و الأعمال المشاركة في المهرجان , لأن الكثير من العروض لا ينطبق عليها صفة التجريب , أما أكثر فوائد المهرجان التجريبي على العرب فهو أنه جعلهم يعيدون النظر فيما يقدمونه .. و ينظرون نظرة أخرى الى العملية الإبداعية التي يقومون بها . |