مسرح | سينما | دراما | مع الصحافة والنقاد | قول على قول | قيل في اسعد | قراءات | معلومات شخصية | صور شخصية | الاتصال بي


نصوص عربية و عالمية في موسم القومي القادم

عندما تصبح الانجازات الفنية ميسرة و غنية وواضحة , فذلك يعني بالضرورة , ان المعادل الموضوعي الحياة الانسانية لسكان هذا البلد –  بلد الانجاز – بخير , وعندما نقول هنا مسرح , فإننا نقول هنا نهوض تعليمي , وتقدم اجتماعي , ولكننا اذا حاولنا القول بأن ال – هنا – موت المسرح , فهذه ال – هنا – تصب في حدود الموت و ضياع الدليل الفلسفي و الاجتماعي و الجمالي للثقافة و الحياة الثقافية , وما يحصل للمسرح في سورية أصعب من اطلاق حكم أخلاقي يتراوح بين الجيد أو السيء , فوضعه يتطلب دراسة هادئة تتخطى حدود الاستنتاجات السريعة و السهلة , ولكن هذا لا يعني بحال من الأحوال عدم الوقوف السريع مع ظواهر واضحة أشد ما يكون الوضوح .

من المعلوم , أن اسم المسرح في سورية ارتبط باستمرار بعجلة المسرح القومي , بحيث بات القومي هو معيار الحركة المسرحية العربية السورية , بغض النظر , عن بقية المسارح التي تتحرك في القطر , وان عاد هذا الى شيء , فإنما يعود للإسفاف الكبير الذي تعيشه مسارح القطاع الخاص من جهة , وللوضع الإعلامي الجيد المتوفر للمسرح القومي و لكن وفي كل الأحوال فلا المسرح القومي , ولا المسرح الخاص بقادرين على رفع مستوى المسرح أو المشاهد او حتى تطوير أساليب العمل المسرحي و بالتالي الرفع من سوية العروض التي يقدمانها , ولو حاولنا أن نطلب منهما أكثر من ذلك فسنكون مبالغين بمطلبنا , وبالتالي سنسقط في الشعارات الفارغة من مضمونها العملي , فالحركة المسرحية هي في المحصلة نتاج حضاري و جماعي , و لم يكفي لقيامها توافر صالة عرض أو فرقة مرخص لها بالعمل , أو نص جيد فالعلاقة معقدة و الدخول اليها متشعب واضاءات صغيرة على وضع المسرح السوري تؤكد قولنا باستثناء بعض الظواهر المسرحية التي لا تتجاوز حدود الارهاصات كالمسرح العمالي أو بعض أعمال التجريبي , وكمحاولة مكررة للمرة الألف حاولنا الدخول بحوار مع الاستاذ أسعد فضة مدير المسارح و الموسيقا في وزارة الثقافة لنتساءل عن الجديد في موسم القومي لهذا العام فأطلعنا على لائحة الأعمال التي يقدمها الموسم و هي خمس مسرحيات :

-          على جناح التبريزي , لالفريد فرج .

-          البورجوازي النبيل , لموليير .

-          و السندباد , لرياض عصمت .

-          و المفتاح ليوسف العاني .

-          و تجاجو لمروجك .

و الاعمال من الاعمال المحلية و العالمية المعروفة , ولسنا في صدد البحث فيها لأن النص لم يكن في يوم من الأيام عرضا مسرحيا , وانما هو مجرد عنصر من عناصر العرض , ولكن السؤال المطروح هو ما الجديد في موسم القومي لهذا العام ؟

-          يقول الاستاذ أسعد فضة :

أهم ميزات هذا الموسم النصوص الجيدة , والتهيئة الكاملة للعناصر سواء في خارج ملاك المسرح القومي , أم من داخله , اضافة للدقة في مواعيد تقديم العروض .

هل سيقتصر نشاط القومي على هذه العروض ؟

-          بالتأكيد لا , فهنالك نشاطات عديدة سيقوم بها القومي في الموسم القادم منها الاحتفال ولمدة أربعة أيام تبدأ يوم 27 آذار القادم بيوم المسرح العالمي , اضافة لجولة بعروض مسرحية عدة الى المحافظات الذي سيبدأفي أيار , اضافة للمشاركة فيه و في الاسابيع الثقافية التي ستقام في تونس و الجزائر .

في حقيقة الامر لا نستطيع التنبؤ بما سيحدث في موسم القومي لهذا العام , ولكننا نستطيع أن نقول أن أخطاء الموسم السابقة تركزت في استهلاكية العروض و تقليديتها و تخطي الحياة نفسها لتلك العروض وما نأمله لهذه العروض التي احتيرت من النصوص العربية و العالمية , ألا تكتفي برفع شعار عالميتها كنصوص , و بالتالي أن يستطيع القومي توظيفها توظيفا فنيا متطورا , وأن تتوفر الخدمات المعقولة لرواد المسرح من دقة في المواعيد , واحترام للمشاهد و دقته , فليست المسألة مسألة تعداد عروض و إحصاء , بالقدر التي هي فيه تقديم تطور نوعي يضاف للحركة المسرحية في القطر و يغنيها ,واذا كانت العملية , عملية تخدير , فليست بحال من الأحوال تشكيك بالقومي أو انتقاص من امكانياته , ولكن ذاكرتنا تلح على استذكار تلك التحفظات التي عاناها مشاهدنا كثيرا , و ( غلطة الشاطر غلطة ) و الشاطر من بين مسارحنا هو القومي على الرغم من توفر مجموعة من الفرق من بينها كما ذكرنا سابقا العمالي و الجوال و التجريبي بالإضافة الفرق الخاصة , والتي تشكل بمجموعها حركة مسرحية وهنا لابد من التساؤل عن مصير هذه الفرق و تحديدا – الجوال – المسرح الذي وضع على عاتقه مهمة الخروج للأرياف وتقديم عروضه على الهواء الطلق .

وحول هذا يقول الاستاذ أسعد فضة .

-          هنالك اتجاه لتطوير هذا المسرح , وذلك عن طريق مده بعناصر جديدة من خريجي المعاهد , اضافة لتأمين عنصر نسائي جيد , وبهذه الحالة يمكن له أن يكون فرقة لها مقوماتها و شروطها الأساسية , متجاوزين وضعه الحالي و الذي يضم عناصر ضعيفة فنيا , وهذه العناصر ليست قليلة من حيث العدد , ولهذا فلم يكن أمامنا الا رفده بعناصر جديدة .

-          المسرح الجوال صيغة من صيغ خروج مسرحنا من قنينة دور العرض المسرحي , ومن تجاوز التقاليد لهذه المسارح , بالإضافة لاقتصاديته وإمكانيته  لمخاطبة الناس على أرضهم , والتوصل الى الأرياف و بالتالي المساهمة في خلق تحول ثقافي في ريفنا , غير أنه لم يكن فيما مضى على مستوى الطموح , حيث اكتفى بالأعمال الفنية الهابطة نوعيا , ففقدت عروضه سمة المسرح من جهة و خلفت عناصره من جهة أخرى , وفوق ذلك فقد تعذر عليه في الفترة الأخيرة الذهاب الى الأرياف و اكتفى بمراكز المدن مما ضيع هويته , وحجب عنه صفته الأساسية المتعلقة بالريف و القرى البعيدة , فهل سيبقى حاله على هذا الحال ؟ يقول الاستاذ أسعد فضة :

-          موضوع الريف يجب أن يدرس بهدوء , وطول بال , لأن العروض السابقة لم تكن مجدية , نتيجة الأساليب الخاطئة التي سار عليها – الجوال – و لكن اذا تجاوز أساليبه السابقة , من دراسة لمكان العرض و زمانه و طبيعة الجمهور فسوف ننتقل الى الريف و هذا ما سنفعله .

-          القومي و الجوال و غيرهما , مسارح تتخبط الى اليوم , فاقدة لهويتها الفنية , وعاجزة عن خلق و تعميق التقاليد المسرحية المتطورة و الفنية , بالإضافة للتواتر غير المعقول بين الصعود و الهبوط الذي يسيطر على هذه المسارح , ودراسة لطبيعة المسارح التي عرفها تاريخ الانسانية تقول لنا ان مسرح – الجيب – المصري , كان تحولا نوعيا في حياة المسرح المصري , فهو انقلاب من مسرح النجم الى مسرح المخرج , ومسرح الشارع الأمريكي , هو قفزة و كسر لجدران المسرح التقليدي واستسلابيته وكذلك حال المسارح القومية في مختلف انحاء الوطن العربي , واذا تساءلنا , ما الذي سيقدمه القومي لهذا العام , نجد مجموعة من الأعمال المهمة و الكبيرة و من بينها – تانجو – العمل الكبير الذي يقوم على الكوميديا و يجسد مفاهيم اليأس و الشعور بالنفي , ويشكل نفيا للواقع باتجاه واقع مشروع , - وتانجو – النص الذي الفه البولندي – مروجيك – هو عرض للمشكلة الحضارية لأوروبا و أزمتها الروحية  , سبق و أن قدمه مسرح الجيب المصري في الستينات و اخرجه نيل الألفي , واذ يقدمه القومي لهذا الموسم فتلك دلالة اختيار موفق و معقول ولكن هل سيصنع ملامحه بدقة المبدع ؟ هذا هو السؤال و لكن الاجابات تقول أن القومي يمتلك صالة معقولة في حين لم يكن للجيب صالة بمستوى صالة القومي , ولديه أجهزة متطورة ومن الأجهزة التي حدثنا عنها الاستاذ أسعد فضة , جهاز فيديو يساعد الممثل على اداء دوره , واستيعاب ملامحه وهذا ما لم يتوفر للجيب , بالإضافة لتواجد الكادر المتفرغ و الفني المختص , وهذ يقول لنا أن مسرحا تمتلك نصا عالميا و مخرجا متخصصا و تجهيزات كاملة , ما الذي يمنعه من تقديم العمل المعقول , نقول أن هذه مجموعة منى التساؤلات التي تأتي على صيغة تحفظات و بانتظار أول عرض من الموسم يكون الحكم الحقيقي على عروضه هذا العام .

-          نبيل الملهم – عمار مصارع