مسرح | سينما | دراما | مع الصحافة والنقاد | قول على قول | قيل في اسعد | قراءات | معلومات شخصية | صور شخصية | الاتصال بي


بيراندللو ومسرح الوهم

بقلم: أسعد فضه

قبل أن أتكلم عن بيراندللو أترك له الحديث ليقول:

((لا سيادةَ لنا مطلقاً على أفكارِنا وعواطِفنا ورغباتِنا. وإننا لسنا سادةً بشخصياتنا. بل إن هذه الشخصيات تخضع غالباً لأحكام الكون ولجميعِ ضروب التأثرات النفسية. وإنه ليس لنا كيانٌ شخصيٌ بعين. بل إن شخصيَتنا تتبعُ أعمال غيرِنا. فنحن نلعب الدور الذي تفرضُه البيئة. ويفرضه المجتمع. وإننا سوف ننتهي إلى حيث لا نعلم)).

عندما يخطر لنا أن نتحدَث عن أحد أساطين المسرح العالمي مثل بيراندللو يخطر لنا أولاً أن ندرجَ أدَبه في قائمة أحد المذاهب المسرحية المعروفة منذ عهد اليونان حتى عصرنا الحاضر. وهنا تتجلى لنا عظمة بيراندللو بأنه خلق مسرحاً جديداً له صفاتُه الخاصة..

مسرحاً جديداً في شكله ومضمونه. تخطى في هذه المذاهب المسرحية كما تخطى أيضاً الدراما الواقعية التي سيطرت على المسرح الأوروبي فترة طويلة من الزمن ولم يقف فن بيراندللو الدرامي عند هذا الحد. بل كان له تأثيرُه على كثير من الاتجاهات الفكرية والأدبية والفنية.

فقد تأثر الفيلسوف الوجودي (اونامونو) بآراء بيراندللو في فلسفته الوجودية ويعتبر مسرحُه حجَر الأساس لكل من مسرح وايلدر التجديدي ومسرح اللامعقول الذي يتزعمه صمويل بيكيت.

كما أفاد منه بيكاسو في فنه التكعيبي. فعندما ضرب بيكاسو الفنان التشكيلي بمفاهيم الفن التشكيلي التي كانت متبعة وخرج بنظريته التكعيبية الجديدة فلا شك أن الحرية الفكرية عند بيراندللو والانقلاب الذي أحدثه في عالم الدراما كان له صداه في نفس بيكاسو إلى جانب تأثره بمن سبقه من الفنانين التشكليليين الذين وضعوا جذور الفن التكعيبي أمثال سيزان وبراك.

فما هو إذن فن بيراندللو المسرحي وعلى أي الأسس يقوم؟

يدور فنُّ بيراندللو حولَ نقطتين هامتين. الوهم بدلاً من الحقيقة. واللاواقعية التي يراها بيراندللو أكثرَ صِدقاً ومعقولية من الواقعية فالنقطة الأولى الوهم هي التي يدور حولها مضمون فنه.

والنقطة الثانية اللاواقعية هي التي يدور حولها شكل فنه.

وقد كتب عن فنه يقول:

((هناك خادمةٌ تسمى الخيال تخدم فني بإيمانٍ وإخلاص وهي دائمةُ النشاط وليست حديثةَ عهد بهذه المهمة ولكنها غريبهُ الأطوار فأحياناً نجدها مبتسمة ضاحكة وأحياناً عابسة ومتشحة بالسواد ولكنها دائماً جادةٌ فيما تفعله))

كما قال أيضاً: ((إن الحياةَ كما أرى قطعةً مؤلمةً من العبث. مؤلمه إلى أبعد حد. ونحن رغم عجزنا عن معرفة – لماذا أو لأي سبب – نشعر أننا بحاجة إلى أن نخدع أنفسَنا باستمرار وذلك بأن نخلُقُ نوعاً من الحقيقة نكتشف من آن لآخر أنها وهم لا جدوى فيه ولا طائل تحته وفني مليء بالشفقة المريرة على كل أولئك الذين يخدعون أنفسَهم. غير أن هذه الشفقة لا يمكن أن تهوي بحيث تلحق بها سخرية المصير تلك السخرية القاسية التي تحكم على الإنسان بالخداع والزَّيف.))

سميت مسرحَ بيراندللو مسرحَ الوهم وذلك لأن الوهم هو المحور الذي يدور حولَه مضمونُ فنه المسرحي كما سنوضح ذلك في تعرضنا لتحليل مسرحياته.

وهكذا ابتعد بيراندللو عن الواقع وركز على الخيال لخلق شخصياته. فجاءت هذه الشخصيات بعيدةً عن الواقع الذي يعيش فيه الناسُ. بعيدة بتصرفاتها وفلسفتها في الحياة.

بيراندللو والخيال:

قال بيراندللو: ((إني أتعلقُ بالحياة بالخيال كشجرة لبلاب تزحف حول باب حديدي. ولا أريد الراحةَ لخيالي. بل أريد أن أشاركَ بفضلهِ حياةَ الآخرين دون توقف. ولكنها ليست حياةَ من أعرف من الناس. كلا. فلو فعلت ذلك فإنني أشعر بالسأم. بل حياةُ المجهولين التي تستطيع مخيلتي أن ترفرفَ فوقَها بحرية. هكذا دون أن أهتمَ بهم بشكل خاص. بل بالعكس كي أشعرَ بثِقَلِهِم ولكي أحكمَ على غباء وسخف حياتهم حتى أشعرَ أن الحياة هي من الغباء بحيث لا لزوم لإنسان أن يحياها حتى آخرِ لحظةٍ فيها.

فعندما أرى دار هذا الرجل أو ذاك. أشعر أنني أعيش بداخلها واستنشق رائحتَها. هذه الرائحة التي لا أحسُها في دراي لأنها رائحة حياتي الخاصة وهكذا جاءت شخصيات بيراندللو وليدةَ خيالة لا ترتبط بالواقع ولا تعيش حسب قوانينِ الطبيعة التي يحياها الناسُ العاديون.

ولكن لا بد من دوافعَ وأسباب جعلت بيراندللو يتجه بمسرحه هذا الاتجاه.

في الواقع هناك عاملان أساسيان لهما الأثر الكبير فيما صار إليه مسرح بيراندللو: الكوميديا الفنية. وتراجيديا حياته المؤسية.

والكوميديا الفنية هي نوع من التمثيل المرتجل وجد في إيطاليا في القرن السادس عشر. كان يمثل في الميادين العامة. فتقام منصة للتمثيل. وقد يحتوي الميدان على مقاعدَ أو يبقى المتفرجون وقوفاً أو يستخدمون شرفات المنازل أماكن لهم. وهذا النوع من التمثيل يختلف عن تمثيل الملهاة والأوبرا التي كانت تمثل في بلاط القصور والتي كانت تسمى بكوميديا المتعلمين. وقد ذكرت هذا النوع الثاني من التمثيل لبيان الأثر الذي أحدثَه انقسامُ الدراما على هذا النحو على المسرحية الإيطالية في عصر النهضة وسنذكر ذلك في حينه.

الفرق بين الكوميديا الفنية وكوميديا المتعلمين:

في الكوميديا الفنية الممثلون محترفون. بينما في كوميديا المتعلمين الممثلون من الهواة. وفي الكوميديا الفنية لا وجود للنصوص بل يكفي أن يعرف الممثلُ الموضوعَ الذي سيتكلم عنه وهو على منصة التمثيل حتى يرتجلَ ويؤلفَ ما يشاء من المواقفِ والكلمات. ولا يعطى الممثلُ في هذه الحالة إلا تعليماتٍ بسيطهً مثبتةً بدبوس في الأجنحة (الكواليس) بينما في كوميديا المتعلمين هناك مؤلفٌ يكتبُ التمثيليةَ ويأخذُها الممثلون ليحفظوا أدوارَهم ويتحركوا وِفقَ حركاتٍ مدروسة من قبل المخرج.

وجمهور كوميديا الفن من سواد الشعب وإن توصلت بعض فرق كوميديا الفن إلى التمثيل في بلاط القصور.

أما جمهور كوميديا المتعلمين فهو من طبقةِ الأشراف والنبلاء الذين يعيشون في القصور.

أما أصل الكوميديا الفنية, فمن المرجح أنه وليد العادات والتقاليد والظروف الاجتماعية في إيطاليا في القرن السادس عشر. كما أننا نتبين في شخصيات الكوميديا الفنية روحَ المضحكين المتجولين في العصور الوسطى الذين هم ورثة تقاليد مسرح المحاكاة الهزلية عند الرومان.

هذه هي الصورةُ التي كان عليها المسرح الإيطالي في عصر النهضة ولا يمكن لمثل هذا المسرح أن يجاري المسارح الاوروبية الأخرى المنظمة في تطوره. وقد فشل مسرح عصر النهضة في ايطاليا أن يخلّفَ لنا تمثيليات عظيمة وذلك لأن المسرح شُطِرَ إلى شطرين فاقتصرت الناحية الأدبية في المسرح على كوميديا المتعلمين وظلت هذه تفتقر إلى الروح المرحة التي تنبض بالحياة في الكوميديا الفنية. في حين أن الكوميديا الفنية أيضاً لم يكتب لها الخلود لعَدَمِ وجود نصوصٍ مكتوبة. ولكن رغم هذا التباين العجيب وعدم وجود التوازن في الدراما الإيطالية فإنها لم تخل من الإلهام والابداع المسرحي.

أما تأثر بيراندللو بالكوميديا الفنية فيظهر في خلق شخصياته من الخيال وبعده بها عن الواقع بحيث لا نعرف حقيقَتَها ولا نستطيع أن نمسِكَها من طرف. وهذا ما نلمَسُه في الكوميديا الفنية.

ولكن بيراندللو لم يقف عند حد تأثرِه بالكوميديا الفنية بل خلقَ نوعاً من التوازن بين شقي الدراما التي كانت عليهما في عصر النهضة. بين الناحية الأدبية في كوميديا المتعلمين وبين الحركةِ والصراع والحياة الفنية في كوميديا الفن وضرب على هذا التوازن نوعاً من الدوام والاستقرار فجاء فنُه خالداً يشهد بعبقريته وبراعته.

بيراندللو ومهزلة الحياة والموت:

لم تكن كوميديا الفن فقط هي التي تأثر بها بيراندللو في فنه. بل كان لحياته أيضاً أثرها الكبير في صقل موهبته وإغنائها.

وُلٍدَ لويجي ستيفانو بيراندللو في 28 حزيران سنة 1867 في مدينة من مقاطعة (جرجنتي) بجزيرة صقليه. وشب بين ربوع صقليه وجبالها أراد والدُه أن يجعلَ منه تاجراً ناجحاً, ولكن بيراندللو وجد في الأدب ضالَّتَه المنشودة. وعندما شب بيراندللو أغرق الفيضان مناجم الكبريت التي كان يملكها والدَه وأخذ يتردى في مجاهل الفقر والعِوَز.

أما بالنسبة لبيراندللو فكانت المشكلةُ تعني أن يتزوجَ من ابنةِ أحد الأثرياء من أصدقاء أبيه حيث يستطيع والدُه بما ستحصل عليه من أموالِ أبيها أن يُحسِّنَ تجارتَه ووضعَه المادي.

تم زواج بيراندللو من هذه الشابة الثرية التي أرادها له والدُه ولم يتعرف إلى عروسه إلا يومَ عقدِ القِران حسب العادة التي كانت سائدةً في صقليه وقتئذ.

وبدأت الحياةُ الزوجية. وبدأت أسهمُ بيراندللو الأدبيةُ ترتفع في حينِ تهبطُ أسهمُ والدِه المادية. وبدأ الاضطرابُ يتسربُ إلى حياته الزوجية. والغَيرةُ الملعونة تنهش قلبَ الزوجة من جو الممثلات والفنانات اللواتي يحطن به بعد أن لمع نجمُه كمؤلف مسرحي مشهور. وقد حاول بشتى الوسائل أن يزيلَ شكوكَ زوجتِه ولكنه لم يفلح. وظلت الغَيرةُ تتملكها لدرجةٍ بلغت معها حد الجنون الهستيري. حتى أصبحت تشك أنه يخونُها مع أقربِ الناسِ إليها مع ابنتِها التي تولي أباها عطفَها ورعايتَها في وحدتِه القاتلة بعد أن أُودعت الزوجةُ في إحدى المصحات العقلية.

وكانت الحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارَها فجند ابنُه البكرُ ليخوضَ غمارَها. ثم وقعَ أسيراً في يد النمسويين. في حين كانت تُجرى عمليةٌ جراحيةٌ خطيره لابنه الثاني في روما. وما أن أصبح في دور النقاهه حتى أرسل إلى الحرب.

ونظراً لسوء المعاملة التي كانت تلقاها ابنته من أمِها حاولت الانتحار ولكنها انقذت ففكرت بالهرب. والتحقت بأحد الأديرة لتعيش هناك بعيدة عن مشاكل الحياة واعبائها.

وهكذا كان على بيراندللو أن يعيشَ بين والدٍ عاجز ضرير أدارت له الأيامُ ظهرَها. وزوجةٍ مجنونة. وابنةٍ وصمته بالعار. والقلقِ القاتلِ على أبنائه في حومة الوغى. في هذا الجو كان على بيراندللو أن يتابعَ حياتَه وأن يصمدَ في وجهه الأعاصير التي تهب عليه من كل ناحية.

من هنا جاء تبرُّمُه بالحياة. وزهدُه فيها وإيمانُه بأن الحياةَ مهزلةٌ وأن أذهانَ البشر ليست سوى حقائبَ خاوية تملؤها الحوادث والأعمال. وقد قال هذا أكثر من مرة. لذلك فهو يكره العقل. لأنه وعاءٌ فارع لا يحتوي إلا على الغريزةِ العمياء. فجاءت نظرياتُه هدماً للمنطق وإفلاساً للعقل وتفوقَ الخيالِ على الحقيقة.

إن هذه الأحداث التي عاشها بيراندللو كانت خيرُ معلمٍ له.

فقد وجد أن الحياة عبثٌ في عبث والدنيا ليل مظلم. وبدأ يشك بأنه هو هو. وزوجتُه هي زوجته. فأخذ يضرب في مشارق الأرض ومغاربِها بعد أن تخلّصَ من ممتلكاته ووزعها بين أولادهِ قائلاً:

((إني أعيشُ في الدنيا الرحيبة الفندقُ وطني. وكل ما أملِكُهُ آلتي الكاتبة التي أشق بها طريقي إلى المجد. أما حياتي فلا تغيرَ فيها ولا تبديل. سواءً أكنت في ميلانو. أو في باريس أو في نيويورك. إن حلمي الجميل. وهو أن أكونَ ربَّ عائلةٍ أحتضن أولادي قد تبخرَ وذاب في الهواء. ما فائدة منزلي؟ كان يجب أن تكون لي مركَبَةٌ تجُرها أربعُ عجلاتٍ تنقلني من بلد إلى آخر. إن كلَّ ما تبقى لي هو إشفاق على الانسانية حيث كتب لي أن أعيشَ في هذه الدنيا القاسية الفترةَ المحددةَ لأجلي))

وقال أيضاً: ((إن الحياةَ دائماً عطشى لا تروي نفسها بنفسِها ولا تدع لنا مجالاً لإروائها وتذوقها. يظل طعمُها في الماضي وتبقى لنا الذكريات. ومن هذه الذكريات التي تتملكنا وتتعلق بنا نتذوق الحياة. ولكن بماذا نحن متعلقون؟ بالغباء. بمشاكل الحياة وآلامها. تلك الآلام التي تفقدُ طعمَها مع الأيام والحياةُ مجرد فكرة. يسهُلُ تفسيرُها عندما تعلم أنها أيام تمضي.))

نعم يسهل تفسيرُ الحياة عندما نعلم أنها أيامٌ تمضي. فهي لا شيء. هي طريق يدور حول الموت. ظل بيراندللو يسير على هذا الطريق إلى أن انتهى من حيث بدأ عام 1936. وهكذا ولد صدفة ومات صدفة كما قال على لسان هنري الرابع في مسرحيته المسماة بهذا الاسم:

((بين هاتين الصدفتين. الميلاد والموت الخارجين عن إرادتنا. كم من أمور كنا نرفضها لو أن الأمر كان بيدنا ولكنا نقبلها على الرغم منا صاغرين))


 

 

مسرح بيراندللو:

ظل بيراندللو بعيداً عن المسرح حتى فترة متأخرة من عمره. حيث استهوته الإقصوصة والرواية. ولكنه وجد أخيراً أنه لا يمكنُه التعبيرَ عن آرائه وأفكارهِ إلا على خشبة المسرح وأضوائه.

نزل إلى ميدانِ المسرح مزوداً بعبقريته وخيالِه الخصب الواسع. فكتب في مدة قصيرة عدةَ مسرحياتٍ مثل: لكل حقيقته – وستُ شخصيات تبحث عن مؤلف – وهنري الرابع – وزهرةٌ على الفم – واحد ولا أحد ثم مائة ألف – وأنت على حق – صديق الزوحة – فتش عن نفسِك- ستر العرايا – وديانا – ثم كما تريدني. وقد قال عن فلسفته في هذه المسرحيات:

((إنني أحاول أن أبينَ في دراماتيِ كلِّها توزعَ الميولِ والعواطفِ في نفسِ الإنسان وعدمِ استقرارها على فكرةٍ واحدة. أو رأي واحد. فالعواطفُ البشريةُ عندَه دائمةُ التقلبِ والتلونِ والتجدد. وفي الإنسان عشراتُ الشخصيات التي تظهرُ وتختفي حسْبَ ظروفِ حياته.))

كذلك أراد أن يوضحَ العلاقةَ النفسية بين الحقائق والأوهام. كما أراد أيضاً أن يبرهنَ على أن الحقيقة نسبية. وأن الحقيقةَ المطلقة لا وجود لها. فقد يكون الأمرُ حقاً بالنسبة لي وشراً بالنسبة لغيري. ويتوقف الأمر على الناظر إلى الحقيقة والزاويةِ التي يراها منها.

وأينما توجهنا في مسرح بيراندللو نجد شجيراتٍ من الشك تنتثر هنا وهناك. فلو أخذنا مسرحية (لكل حقيقته). فهناك مدام فرولا التي تؤكد أن زوجَ ابنتها (بونزا) رجلٌ مجنون. وذلك لتوهمِه واعتقادِه بأن زوجتَه ابنةَ المدام فرولا لقيتْ حتفَها في حادثِ زلزال. وأنه تزوَج للمرةِ الثانية من امرأة أخرى. وزوجتُه التي تعيشُ معه الآن هي زوجتُه الثانية وليست ابنةَ المدام فرولا. في حين نرى بونزا يؤكدُ عكس ذلك ويرمي حماته مدام فرولا بالجنون لاعتقادها بأن ابنتَها ما زالت على قيد الحياة. وأنها زوجةُ بونزا التي تعيش معه الآن. ويقول إنه عطفاً عليها قد أوهمها أن زوجتَه التي تعيش معه الآن هي ابنتُها. وحبس زوجتَه في البيت ليدفَعَ عنها أذى الشعور التي تشعرُه عندما تعانقُ من حين لآخر امرأةً تدعي أنها أمُها في حين أنها غريبةٌ عنها. وسمحَ لزوجته بمراسلةِ مدام فرولا بواسطة سلة تتدلى من الدور الرابع المحبوسةِ فيه.

وتبدأ الحَيْرَة. ويبدأ الشك والتساؤل.

تأتي مدام فرولا لتقنع االجيران الفضوليين الذين يستمعون إلى أقوال الطرفين بقولها: ((اعيروني سمعَكم يا سادة. عندما تزوج ابنتي أحَّبها حباً جنونياً ولم تتحمل بنيتُها الضعيفة. هذا الحبَ الثائرَ الجبار. فوقعت فريسةَ مرضٍ معد. وقرر الأطباءُ نقلَها إلى إحدِ المصحات بعيداُ عنه وعن جميع أقارِبِنا – الذين ماتوا جميعاً ضحيَةَ الزِلزال الذي أصابَ المدينة. لكنه ظل مصمماً على رفضه بنقلها إلى إحدى المصحات. فاضطررنا لانتزاعِها خفية منه. ولما عاد ولم يجدها في البيت هاجت أعصابُه وجُنَّ جنونه واختلَّ شعوُرِه واستسلم ليأس مخيف. وحسِبَ أنها ماتت ولبِسَ عليها السواد. وحاولنا أن نكشفَ له الحقيقة. ولكنه رفضَ قبولَها وارتكب بعد ذلك آلاف الحماقات. ولم نستطعْ أبداً أن ننتزعَ من نفسِه هذه العقيدةَ الراسخة. ومر عامٌ وتمالكتْ ابنتي صِحتَها وعادت إليه لكنه أبى التعرفَ عليها. وصاح لا. لا ليست هي إنها ليست امرأتي. فلم يكن هناك مفرٌ لإعادة ابنتي إليه إلا أن نتعاونَ مع بعض الأصدقاء ونصطنعَ زواجاً ثانياً. وهو لا يستطيع التخلي عن فكرته ويحاولُ أن يجعلَ الغير يؤمنون بها حتى يرضيّ نفسَه ويدخلَ عليها الطمأنينة. ويطرحَ عنها فكرةَ الخوف. الخوف من معاودة الكرّة وانتزاع زوجته كما يظن. وهذا هو السبب الذي يحِملُهُ على غلقِ البابِ عليها بالمفتاح ولا بد أن ترضى هذه المسكينةُ بالعيش متظاهرةً أنها ليست نفسَها بل امرأةٌ أخرى. لا بد من كل ذلك حتى لا تتبلبل أفكارُه مرةً أخرى))

وهكذا تقنع مدام فرولا الجيران وتقنعنا بصحة ما تقول. وما أن تغيبَ حتى يأتيَ بونزا ويشرحَ لنا وِجهةَ نظره ويقنعنا بوجاهةِ ريه وأنه رجلٌ مظلوم يتكبد خسائر فادحه بسببِ وضعه هذا.

وهكذا قسم بيراندللو الجمهور إلى فريقين: فريق يناصر مدام فرولا. وآخر يناصر السيد بونزا. وتبقى الحقيقةُ غامضة بالنسبةِ للطرفين ألبسها بيراندللو قناعاً تختفي وراءه كما كانت تختفي الشخصيات وراء الأقنعة في المسرح اليوناني.

ثم نتبين ما يريده بيراندللو عندما تحضر مدام بونزا كالشبح في آخر المسرحية لتقول: ((إنني ابنةُ السيدة فرولا. وأنا أيضاً زوجةُ السيد بونزا الثانية. ولذاتي أنا. أنا لا شيء. أو أنا هذه التي تختارون أن أكونَها.))

إذن فالحقيقة بالنسبة لبيراندللو هي ما يراه كل منا في نفسه. لأن كلاً منا يختلف عن الآخر وأن لكلٍ منا عدداً من الشخصيات يزداد هذا العدد بازدياد المتطلعين إلى شخصيته الراغبين في معرفتها. فلا شك أن كلَّ واحد منهم سيفسرُها تفسيراً يختلف به عن الآخر. وبذلك تتعدد الشخصية بعدد هؤلاء.

واحد ولا أحد ثم مائة ألف:

أما مسرحية ((واحد ولا أحد ثم مائةُ ألف)) فموضوعها أشدُ غرابةً من مسرحية (لكل حقيقه).

فمأساة بطلها (موسكاردو) أنه رجل يقف من الحياة موقف الدارس المتفهم يحاول باستمرار أن يكشف أسرار الحياة ورموزها. كما يحاول شأنه شأن بقية أشخاص بيراندللو أن يقف على حقيقة هذه الحياة.

وموسكاردو هذا رجل ثري ورث عن أبيه تركة ضخمة. ولكن بيراندللو غرس في نفسه بذرةَ الشكِ. فراح يتساءل: لماذا يكون هو ابنَ أبيه؟ ولم لا يكون غيرُه ابنَ أبيه؟ لماذا جسمُه يكوّنٌ بهذه الطريقة وليس بغيرها؟ لماذا ولد في اليوم الذي ولد فيه وليس قبله أو بعده؟ ثم هذه القيود التي يضربها حولنا الزمن. ألا يمكن تحطيمها؟ إن موسكاردو يحيا في هذا الكون كبقية الناس. ولكن عندما يحاول أن يتفحص حياته ويراقبها باستمرار. يصبح موقفه صعباً. فهو يقول: ((من عاش دون أن يرى أنه يعيش فهو يحيا حياة سعيده فإذا استطاع أن يكتشف كنه حياته ويتأملها ويتفحصَها أصبح هذا دليلاً على أنه لا يحيا حياته بل يتحملها ويجر أذيالها كأنها شيءٌ ذبل ومات. فشكل الحياة في عرفه هو الموت.))

ومأساة (موسكاردو) كما نرى أنه لا يعرف الحياة وبالتالي يجهل حقيقة نفسه لذلك يحاول أن يحدد شخصيته بشكل ما معتقداً بأن اخضاعَ الحياة لطريقة معيشته انتصار له في حين أنه إذا فعل ذلك سيشعر بفقدان معنى الحياة يوماً بعد يوم. لأنه في هذه الحالة سيشذ عن المجموع وبالتالي ستنكشف شخصيته ويصبح من السهل رؤية الشكل الذي حدد به نفسه وخلعه عليه الغير. ومتى أدرك هذه الحالة وعكف على تأملها دلَّ ذلك على أن حياته قد انتهت وأصبحت عبئاً ثقيلاً عليه.


 

 

ست شخصيات تبحث عن مؤلف:

أما مسرحية ست شخصيات تبحث عن مؤلف فهي مأساة أسرة تتكون من أبٍ وأمٍ وبنتٍ وابنٍ كبيرين وطفلين آخرين صغيرين.

لم تلق هذه الشخصيات المؤلفَ الذي يظهرها إلى حيّزِ الوجود ولعل المقصود بهذا المؤلف هو بيراندللو نفْسًه. فقد مرَّ بيراندللو في فتراتٍ من الوحدة والعزلةِ لم يجد أحداً يخاطبه سوى الشخصيات التي تعيش في ذهنه. ولعله تحدث كثيراً إلى هذه الشخصيات الست. ولكنه لم يستطع تحقيقها على الورق فأرسلها إلى حيث تعيش. إلى المسرح وأضوائه. فذهبت هذه الأسرة في حالة حزن عميق إلى المسرح تجري عليه (بروفات) لمسرحية جديدة من مسرحيات بيراندللو. فتوقفت البروفة وطلبت هذه الشخصيات من الممثلين تمثيل قصتهم بدلاً من مسرحية بيراندللو التي يتدربون عليها. وتأخذ المسرحية في التطور والصعود ويبدأ الصراع بين الشخصيات. بين المخرج والممثلين من ناحية. الذين يَرْون أن القصة معقدة محيّرة. وبين شخصيات الأسرة نفسها الذين لم يتفقوا على شكل واحد لقصتهم فكل منهم يريدها كما تتراءى له بحيث تنتهي المسرحية دون أن يتفقوا على شكل واحد لقصتهم. وقد قصد بيراندللو بذلك – كما قال – ((إن العمل الفني لا يجب أن تكونَ نهايتُه في نفسهِ بحيث لا يظن صانعُه أنه أودعَ فيه الحياةَ الكبرى وأن هذه الحياةَ قد تبلورت في العمل الفني واستقرت فليست العبرةُ أن يمثلَ العملُ الفنيُّ حقيقةَ الحياة بكل جمالِها وإنما فيما ينطوي عليه هذا العملُ من قابليةِ تجديدِ الحياةِ في نفوسِ الناس.))

لقد أحس بيراندللو بمشكلته كفنان ومشكلة شخصياته التائهه الذين يبحثون عن شكل ومعنى حياتهم ومن هنا وجد الأساس الذي بنى عليه مسرحه الجديد الذي حققه تحقيقاً كاملاً في مسرحية ست شخصيات تبحث عن مؤلف.

هذا هو مسرح بيراندللو حيث نجد تمثالاً منصباً على خشبته يغطيه ستار كتب عليه هذا هو تمثال الحقيقة. وإذا ما رفعنا الغطاء عن هذا التمثال وجدنا أنه وهم ولا وجود للتمثال. ونكتشف أن هذا المسرح بعيد عن الواقع ومع ذلك فهو أكثر صدقاً من الواقع.

- انتهى –

أسعد فضه

مسرح بيرانديللو

((لا سيادة لنا مطلقاً على افكارنا وعواطفنا ورغباتنا. وإننا لسنا سادة بشخصياتنا. بل إن هذه الشخصيات تخضع غالباً لأحكام الكون ولجميع ضروب التأثرَت النفسية. وإنه ليس لنا كيان شخضي معين. بل إن شخصيتنا تتبع أعمال غيرنا. فنحن نلعب الدور الذي تفرضه البيئة. ويفرضه المجتمع وسوف تنتهي إلى حيث لا نعلم)).

أردت أن أبدأ الكلام من بيرانديللو باعترافه هذا لما له من فائدة في إلقاء الأضواء على مسرحه وأفكاره.

مسرح بيرانديللو مسرح جديد في شكله ومضمونه. تخطى به بيرانديللو الدراما الواقعية التي سيطرت على المسرح الأوروبي فترة طويلة من الزمن وأفاد به كثيراً من الاتجاهات الفكرية والأدبية والفنية.

فقد قاد (اوناموند) الفيلسوف الوجودي من أفكار بيرانديللو. كما أتخذ مسرح وايلدر التجديدي وكتاب اللامعقول من مسرحه حجر الأساس بالنسبة لمنطلقاتهم الجديدة في عالم المسرح.

يدور فن بيرانديللو حول نقطتين هامتين الوهم بدلاً من الحقيقة واللاواقعية التي يراها بيرانديللو أكثر صدقاً ومعقولية من الواقعية. والنقطة الأولى الوهم هي التي يدور حولها مضمون فنه والنقطه الثانية اللاواقعية هي التي يدور حولها شكل فنه وقد هرب بيرانديللو بفنه من عالم الواقع إلى عالم الخيال نتيجة لما لاحظه من تأرجح وعدم استقرار في التفكير عند الناس وتشابهٍهم في تكييفٍهم لمعنى الحياة. وإصرارهم على خداع أنفسهم بحقيقة لا وجود لها في أغلب الأحيان. ((إن الحياة كما أرى قطعة مؤلمة من العبث. مؤلمه إلى أبعد حد. ونحن رغم عجزنا عن معرفة – لماذا أو لأي  سبب – نشعر أننا بحاجة إلى أن نًخدًع أنفسنا باستمرار وذلك بأن نخلق نوعاً من الحقيقة نكتشف من آن لآخر أنها وهم لا جدوى فيه ولا طائل تحته وفني مليء بالشفقة المريرة على كل أولئك الذين يخدعون أنفسهم. غير أن هذه الشفقة لا يمكن أن تهوي بحيث تلحق بها سخرية المصير تلك السخرية القاسية التي تحكم على الإنسان بالخداع والزيف)).

وإذا تساءلنا عن العوامل والأسباب التي كان لها الأثر فيما صار إليه مسرح بيرانديللو نجد الجواب في تراجيديا حياته المُؤسيه والكوميديا الفنية. فحياته عالم من المتناقضات مليء بِغِنى اللروح ودفء الفكر.

ولد لوبي ستيفانو بيرانديللو في 28 حزيران سنة 1867 في مدينة من مقاطعة (جرجنتي) بجزيرة صقليه.

وعندما شب بيرانديللو وبدأ بنشر انتاجه الأدبي وأخذت اسهمه الأدبية بالارتفاع كانت أسهم والده المادية في هبوط مخيف حيث اغرقت الفيضانات مناجم الكبريت التي كان يملكها. وبدأت العائلة تتردى في مجاهل الفقر والعوز. ورزح بيرانديللو تحت وطأة هذه اللعنة حيث أراد له والده أن يتزوج من ابنة أحد الأثرياء من أصدقائه كي يستطيع بما سَتَحصل عليه من أموال أن يحسن تجارته ووضعه المادي.

وتمّت صفقة الزواج دون أن يرى تيرانديللو شريكة حياته كما كانت العادة سائدة في صقلية.

دخل بيرانديللو حياته الزوجية ليجد الاضطراب يتسرب أليها مهدداً متوعداً. والغيرة الملعونة تنهش قلب الزوحة من جو الممثلات والفتايات اللواتي يحطن به بعد أن لمع نجمه كمؤلف مسرحي مشهور جاول بشتى الوسائل أن يزيل شكوك زوجته لكنه لم يفلح. وطلت الغيرة تتملكها لدرجة بلغت معها الحنون الهستيري حتى أصبحت تشك أنه يخونا مع ابنتها التي نرعى اباها في وحدته القاتلة بعد أن أودعت الزوجه في احدى المصحات العقلية.

ونظراً لسوء المعاملة التي كانت تلقاها الابنة من أمها حاولت الانتحار لكنها انقذت والتحقت بأحد الأديرة بعيدةً عن مشاكل الحياة وأعبائها. بينما كان ولداه يخوضان غمار الحرب العالمية الأولى وابنه البكر وقع أسيراً في يد النمسويين.

وهكذا كان على بيرانديللو أن يعيش بين والد عاجز ضرير أدارت له الأيام ظهرها وزوجة مجنونه وابنه وصمته بالعار. وقلق مميت على ابنائه في الحرب. من هنا جاء تبرمه بالحياة وزهده فيها وإيمانه بأن الحياة مهزلة وأن أذهان البشر ليست سوى حقائب خاوية تملؤها الحوادث والأعمال. فجاءت نظرياته هدماً للمنطق وافلاساً للعقل وفقوقاً للخيال على الحقيقة. والحياة بنظره مجرد فكرة يسهل تفسيرها عندما نعلم أنها أيام تمضي.

فعلاً يسهل تفسير الحياة عندما نعلم أنها أيام تمضي. فهي لا شيء ((هي طريق يدور حول الموت[1])) ظل بيرانديللو يسير على هذا الطريق إلى أن توقف إلى الأبد عام 1936.

العامل الثاني الدي يكمن مراء ابداع بيرانديللو هو الكوميديا الفنية, فكان لها أكبر الأثر في اغناء فكره, وإدراكه لواقع الدراما الايطالية وحقيقتها.

فالكوميديا الفينة نوع من التمثيل المرتجل وجد في ايطاليا في القرن السادس عشر. كان يمثل في الميادين العامة حيث تقام منصة للتمثيل ويتخذ الميدان وشرفات المنازل مكاناً للمتفرجين.

والكوميديا الفنية لا نقوم على نص مكتوب, بل يمثلها ممثلون محترفون يرتجلون الكلام بعد أن يعرفوا الموضوع الذي سيتكلمون به. وجمهورها من سواد الشعب رغم توصل بعض فرقها إلى التمثيل في بلاط القصور.

بينما نجد كوميديا المتعلمين تتخد من بلاط القصور مكاناً لها. وهنا يظهر المؤلف ويكتب التمثيلية ويسلمها لممثلون هواة يحفظون أجوارهم وتخطط حركتهم من قبل مخرج يتولى العمل ويأخذه على عاتقه.

لذا فقد فشل مسرح عصر النهضة في ايطاليا أن يخلف لنا تمثيليات عظيمة لأن المسرح شطر إلى شطرين فاقتصرت الناحية الأدبية في المسرح على كوميديا المتعلمين. في حين أن الكوميديا الفنية تفردت بالروح المرحة التي تنبض بالحياة لكن لم يكتب لها الخلود لافتقارها إلى النص المكتوب. وإنصافاً للدراما الايطاليه يمكننا القول أنه رغم هذا التباين العجيب وعدم وجود التوازن فيها فأنها لم تخل من الالهام والابداع المسرحي.

لقد تأثر بيراندللو بالدراما الايطالية في عصر النهضة لكنه لم يقف عند حد تأثره بها بل خلق نوعاً من التوازن بين شقيها أي بين كوميديا المتعلمين التي تتوفر فيها الناحية الأدبية وبين الكوميديا الفنية التي تعتمد على الحركة والصراع وضَرَبَ على هذا التوازن نوعاً من الدوام والاستقرار فجاء فنه خالداً يسهد بعبقريته وبراعته.

نزل بيرانديللو إلى ميدان المسرح في فترة متأخرة من عمره مُزَوَدَاً بعبقريته وخياله الخصب الواسع. فكتب في مدة قصيرة عدة مسرحيات – لكل حقيقته وست شخصيات تبحث عن مؤلف وهنري الرابع – وزهرة على الفم – واحد ولا أحد ثم مائة ألف – وأنت على حق – صديق الزوجة – فتش عن نفسك – وديانا – كما تريدني – وستر العرايا التي ترجمها إلى العربية بدقة وأمانة الأستاذ جورج سالم محافظاً على روح بيرانديللو المرحة.

أما فلسفة برانديللو في مسرحياته هذه فقد قال عنها: ((أنني أحاول أن أبين في دراماتي كلها توزع الميول والعواطف في نفس الانسان وعدم استقرارها على فكرة واحدة أو رأي واحد)) فالعواطف البشرية عنده دائمة التقلب والتلون والتجدد. وفي الإنسان عشرات الشخصيات التي تظهر وتختفي حسب ظروف حياته. كذلك أراد أن يوضح العلاقة النفسية بين الحقائق والأوهام. والحقيقة تحتل مركزاً لا بأس به في مسرحه. ولكن هل هناك حقيقة؟ الأمر يتوقف على الناظر إلى الحقيقة والزاوية التي يراها منها.

(الصفحة السادسة)

 

 


 

[1] وهذا مكنه من انقاذ الدراما الايطالية وانتشالها من الهوة التي تردت إليها في عصر النهضة نتيجة الانقسام الذي طرأ عليها بسبب وجود الكوميديا الفنية وكوميديا المتعلمين.