(براويظ) مسرح الشوك
مسرح الشوك مع (براويظ) يؤكد أنه أصبح ظاهرة يمكن أن تلعب دوراً هاماً في حركتنا المسرحية وفي حياتنا العامة. لكن.. وبعد عمله الثالث هل استطاع أن يطور من نظرته إلى الواقع الذي يستمد منه صوره؟ وهل استطاع أن يطور وسائله الفنية؟ المضمون النهائي لمسرح الشوك مع لوحاته الجزئية يتكرر للمرة الثالثة فلا يتغير فيه إلا اللوحات والحوادث الصغيرة، ولهذا لا يحقق أي كسب نقدي أو فكري، يضاف إلى هذا أنه يقدم هذا المضمون – ومثله في ذلك مثل كل الأعمال المسرحية التي تنحو منحاه – جاعلاً المجتمع في حالة الكمون والركود. أي أنه يكتفي بتصوير المجتمع في حالته الساكنة المتجمدة لا في حركته الجدلية التي تعرض التناقضات والأخطاء ليصل إلى المستقبل الذي يتلامح من خلال الواقع السيئ. ومسرح كهذا لا يؤدي أي دور أكثر من استدرار التصفيق من جمهور يتألم، أي أنه يستغل – هو وما يشبهه – النقمة الجماهيرية على التخلف، ليحولها إلى ضحكة هزيلة (تفش الخلق) أكثر مما تحرض على التغيير. الشكل ظل في (براويظ) كما كان في العملين السابقين، لم يتقدم أبداً بل تأخر قليلاً. فقد كانت بعض اللوحات تخلو من الحدث الصغير وتعجز عن شرح نفسها فتأخذ (القفلة) دور الشرح وليس دور التأكيد كما كانت في (جيرك) و(مرايا). وتصبح لهذا ثقيلة قريبة من الوعظ والحكمة السقيمة، كما في لوحات (المثقف- الخطيب- الشرفية). لكن مسرح الشوك الذي حافظ كنص مكتوب على طبيعته السابقة أو هبط عنها قليلاً، استطاع أن يطور وسائله الفنية في الإخراج الذي ارتفع به وغطى على كثير من عيوبه. ويتجلى ذلك في ناحيتين: أولاهما أن أسعد فضة فهم طبيعة مسرح الشوك، التي تستمد صورها من حياة الناس، فأبرز هذه الصفة الواقعية إلى أقصى حد. والمثال على ذلك البداية والخاتمة. وتأكيد المخرج على الواقعية يظهر في جميع الفقرات، فلا يسرف في الحركة، وإنما يعطي منها – رغم حيويتها – المقدار الضروري. والناحية الثانية هي أن المخرج كان يهتم باللوحة كاملة وليس بالقفلة فقط، فكانت كل لوحة عملاً مسرحياً صغيراً ينمو ويتدرج لتكون ( القفلة) ذروته ومنتهاه.
فرحان بلبل.
|