مسرح | سينما | دراما | مع الصحافة والنقاد | قول على قول | قيل في اسعد | قراءات | معلومات شخصية | صور شخصية | الاتصال بي


كيف نفسّر الطابع الشخصي للمخرج المسرحي ؟!

الى أي حد يمكن للمخرج أن يتصرف بحرية من خلال دوره ؟!

تلتقي الصفحة الفنية من حين لآخر ببعض الفنانين , وتسمع آراءهم ووجهات نظرهم بالفن , وبدور الفنان .. و بعلاقته بالجمهور ..

و اليوم لقاؤنا مع المخرج المسرحي أسعد فضة خريج المعهد العالي للفنون المسرحية من القاهرة .. سبق أن قدم للمسرح القومي عدة أعمال منها : الأخوة كارامازوف و دون جوان , ولكل حقيقته .

ما هو الاسلوب الذي تتبعه عادة في عملية الاخراج ؟

-          هناك مدارس عديدة في الاخراج كما أن هناك مدارس عديدة في بالنسبة لأدب المسرح , أنا شخصيا لا أحب أن أحدد أسلوبي بنوع معين , فإذا كانت المسرحية كلاسيكية من الممكن أن أعالجها بأسلوب كلاسيكي صرف ومن المحتمل أيضا أن أعالجها بطريقة حديثة كما يملي علي احساسي بالنسبة للنص فمثلا : مسرحية الأخوة كارامازوف يمكن معالجتها بأسلوب كلاسيكي , ومسرحية دون جوان أيضا مسرحية كلاسيكية و المعترف عليه أن الحركة الكلاسيكية و الأداء الكلاسيكي لهما طابع خاص , و أنا شخصيا لا تعجبني الحركة الكلاسيكية ولا الأداء الكلاسيكي , وهي الوسيلة المعبر بها عن النص لذلك عندما أريد إخراج نص كلاسيكي فإنني أحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الحركة و الإلقاء الكلاسيكي ولا مانع من الاحتفاظ بالإطار المادي الكلاسيكي كما فعلت في دون جوان , و احيانا يمكن معالجة المسرحية بطريقة رمزية و ليس من الضروري التقيد أو الاغراق في الرمز الى حد يصبح فهم المسرحية عسيرا بالنسبة للجمهور ككل , فلا مانع من التوفيق بين الرمز و الواقع كما حدث ذلك في مسرحية ( لكل حقيقته ) و الخلاصة أن الإخراج هو وجهة نظر في العمل الفني , ومن حق المخرج أن يقول اي وجهة نظر في العمل الذي يتصدى له .

من خلال تجربة المسرح القومي .. ما رأيك بالجمهور والى أي مدى يمكنه أن يتقبل العمل المسرحي بأنواعه ؟

-          أعتقد أنه أصبح لدينا جمهور مسرحي واع جدا و يتفهم العمل بأحاسيس صادقة وقد لاحظت أنه يصيب في كثير من الأحيان في كلمة على العمل الفني , قد يقول لك أن هذا جيد وهذا غير جيد دون أن يدري لماذا هو جيد أو غير جيد , والسبب أنه يحكم بإحساسه على ما يرى , وأنا عندما أقدم عملا من المفروض بديهيا انه يقدم لجمهور ومن حق هذا الجمهور أن يتفهم كل ما يراه حتى لو اقتضى الأمر أن أبسط له بعض الأشياء التي يتعسر عليه فهمها و نخرج من هذا بنتيجة أن العمل الفني لا يجوز أن يتقوقع على نفسه , بل يجب أن ينقل الى الجمهور واضحا جلّيا .

هل سبق و أن استفدت من رأي الجمهور بإحدى المسرحيات التي اخرجتها ؟

-          كنت قد ذكرت ان الاخراج هو وجهة نظر في العمل الفني , ويجب أن يتقيد بوجهة النظر هذه كافة العاملين في المسرحية , ومن حق الجمهور أن يعجبه هذا أو لا يعجبه ولكن ليس معنى هذا أنني اغير في المسرحية أثناء عرضها حسبما يرى الجمهور و إلا أصبحت المسألة مشكلة ليس لها حل و لذلك لا يغير رأي الجمهور من المسرحية في شيء , و المسرحية عبارة عن لوحة من الصعب جدا أن تخرج هذه اللوحة كاملة من جميع الوجوه , لنفرض أن المسرحية عرضت في فترة ما ثم أعيد غرضها ثانية بعد مدة من الزمن , فلا شك أن المخرج في هذه الحالة سيحاول أن يتدارك كل ما لم يستطع تداركه في المرة الأولى من وجهة نظره طبعا ..

الى أي مدى تسمح للممثل أن يتصرف بحرية من خلال الدور المسند إليه ؟

-          هناك خطوط رئيسية للشخصية يضعها المخرج و يتفق عليها مع الممثل في حدود هذه الخطوط الرئيسية لا أسمح للممثل أن يخرج عنها , ولكن هناك اشياء صغيرة نستطيع أن نسميها أشياء خاصة بالممثل نفسه فلا مانع للممثل من وضع هذه اللمسات الصغيرة في الدور الذي يؤديه , ومن خلال التمارين يرى المخرج هذه اللمسات , فيبقى على ما يراه يخدم الخط الرئيسي للدور , و يلغي ما يراه غير مناسبا , اذن على الممثل أن يتقيد بالدور كما يرسم له تقيدا تاما .

هل تنفذ الشخصية كما يرسمها المؤلف تماما .. وما هو مدى تصرفك الشخصي في خلقها ؟

-          ليس من الضروري ان انفذ الشخصية كما رسمها المؤلف تماما فقد يعطيني المؤلف صفات فيزيولوجية معينة للدور قد لا أراها سليمة في بعض الأحيان او قد لا يتوفر الممثل الذي تنطبق عليه هذه الصفات , في كلا الحالتين أرسم للشخصية الملامح التي أراها تنسجم مع بقية الشخصيات و تنطبق على الشكل الفيزيولوجي للمثل الذي يلعب الشخصية , هذا من الناحية الفيزيولوجية , أما من الناحية الفكرية فأنفذ الشخصية كما رسمها المؤلف , ولا مانع من التصرف بحيث لا يؤثر هذا التصرف على المفهوم العام للشخصية بحيث يصبح نوع من التناغم بين الشكل و المضمون .

لاحظت انك استشهدت بمسرحية الأخوة كارامازوف و دون جوان و لكل حقيقته فلماذا ؟

-          باعتبار الحديث شخصي فيستحسن ان استشهد بالأعمال التي قمت بها لأنني عندما استشهد بمسرحيات أخرى يكون هذا رأي و ليس رأي القائم بهذه الأعمال .

هل من الممكن أن تعطينا فكرة عن قيمة التعاون في المسرح و مدى أهميته ؟

-          العمل المسرحي عمل جماعي و لذلك فالتعاون أساسي و ضروري و هام و عندما يفقد التعاون بين العاملين في المسرح تستطيع أن تقول على المسرح السلام , ولا يمكن أن يتم التعاون بدون محبة و تفاني من قبل العاملين في المسرح و لأضرب لك مثلا , لنفرض أن هناك ممثلين على المسرح في مشهد تراجيدي وفي المشهد شخصية كوميدية , فإذا لم تتوفر المحبة بين هؤلاء الممثلين التي تدفعهم الى التعاون و الإخلاص يستطيع الممثل الكوميدي أن يشوه المشهد التراجيدي الذي يلعبه زميله ببعض الحركات المصطنعة من عنده , هذا مثل يمكننا تطبيقه من عامل الديكور الى عامل الاكسسوار .

كتبت مقالات كثيرة حول مسرحية لكل حقيقته و اختلف النقاد في آرائهم فما رأيك في هذا الموضوع ؟

-          قبل أن أتكلم أي شيء في الموضوع أحب أن أؤكد انني لم الق بالا الى كثير مما كتب , هناك بعض الناس المخلصين لقضية المسرح يتحدثون عن المسرحية و يذكرون مالها و ما عليها ولكن هناك البعض الآخر الذين يناطحون بقرون من عجين بأسماء سارتر و بيراندللو يأتي أحدهم ليقول سارتر كذا و كذا و بيراندللو تتلخص فلسفته من وضع دينا حذاءها على المائدة في مسرحية لكل حقيقته و هذا ما ذكره بعض من ملأ فراغا في صفحة جريدة بشكل يثير الضحك ثم يأتي آخر ليقول نفس الكلام ثلاثة ممن كتبوا عن المسرحية رددوا نفس العبارات فلان يحاول أن يقلد فؤاد المهندس , أسعد فضة قلب المسرحية الى مسرحية هزلية و آخر يعتب علينا لأننا لم نستطع " مس الوتر الحساس فيه " و قس على ذلك من هذا الكلام .

و احيانا كثيرة يقولون أن الكاتب الفلاني يريد كذا و كذا في مسرحيته لكن المخرج لم يظهر هذا , ومع الأسف يكون ما يقولوه مؤكدا بشكل متخم في المسرحية , لكنهم اذا ذكروا الحقيقة لا يبقى مجال لاستعراض العبارات الفلسفية التي نحن بأمس الحاجة اليها .

أريد أن أقول شيئا ان أحدا لم يقرأ المسرحية على الإطلاق و الدليل على ذلك انني حذفت من مسرحية لكل حقيقته ثلاثة شخصيات ثانوية جدا لو وجدت في حذفها ما يؤثر على النص كنت قد ابقيتها طبعا ,

هذا من وجهة نظري , و لكن ألا يمكن أن يكون هذا خطأ مثلا , هل هناك من ذكر هذا اليس هذا شيئا مهما بالنسبة لمن يكتب عن المسرحية ؟

هناك من ذكر أننا نشوه الأعمال العالمية في المسرح القومي , أنا اقترح على هؤلاء القيمين على هذه الآداب أن يرفعوا علينا دعوى الى محاكم ابراجهم الفكرية و يحموا هذا التراث من معاولنا الرهيبة ..

المسرح للجمهور .. وليس لفئة معينة من الناس .. و يجب أن يخاطب كل الناس فهو جزء من الناس .. ويحكي قصصهم .. و يروي حياتهم و يعبر عنهم كلهم ..