ظهر في خمسة أعمال خلال رمضان وأعماله فاقت الخمسين أسعد فضة : لا أحب ان احصر نفسي في لون محدد من التمثيل . أنور بدر أسعد فضة فنان حقيقي , غادر قريته في الساحل السوري فتيا الى مصر , وعاد عام 1963 بعدما درس فن التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة , ليبدأ مشوار عطائه على مسارح دمشق التي عرفته مخرجا في 24 مسرحية , كما مثل في 12 مسرحية . كرّم منذ أيام في حفل افتتاح مهرجان دمشق المسرحي الأخير , الذي أداره و أشرف عليه في أكثر من دورة , كما كرّم قبل عام في حفل إعادة افتتاح مسرح الحمراء بدمشق , وفي مهرجان دمشق السينمائي أيضا , اذ سبق وعمل في خمسة أفلام ليس أهمها " ليالي ابن آوى " الذي نال عليه جائزة أفضل ممثل في مهرجان دمشق السينمائي , كما نال جائزة أفضل ممثل في دور تاريخي عن مسلسل " العوسج " في مهرجان القاهرة للإذاعة و التلفزيون , والذي منحه أيضا جائزة تقديرية عن مسلسل " الجوارح " وهو من اخراج نجدت أنزور , الذي أعاد تقديمه لنا هذا العام في شخصية " عبد الملك بن مروان " فاقت أعمال أسعد فضة الدرامية الخمسين مسلسلا , وكان لسنوات مديرا للمسارح و الموسيقى في وزارة الثقافة , وهو الآن نقيبا لفناني سوريا حول تكريمه و إطلالته الدرامية الأخيرة كان ل" القدس العربي " هذا الحوار مع الفنان أسعد فضة . *بداية ماذا يعني التكريم بالنسبة لك ؟ إذا اردنا ان نتكلم عن التكريم , فإن تكريمنا الحقيقي كفنانين و مثقفين جاء من خلال عودة مهرجان دمشق المسرحي , لما يمثله في ذاكرتنا وفي طموحاتنا من ارتباط عضوي ليس مع الفنانين و المسرحيين السوريين فقط , بل وكل المسرحيين العرب , لذلك أقول أن عودة هذا المهرجان هو التكريم الكبير لنا . أما بخصوص التكريم العياني أو الاسمي لي كفنان مع مجموعة من الزملاء , في هذه الدورة بالذات , فهو يعني لي الشيء الكثير , لأنه اعتراف أو بطاقة شكر على جهودنا , وهذا يرتب علينا مسؤوليات كبيرة بالمقابل كما أنه يشد بعضنا الى خشبة المسرح , واعتقد أنني كنت بحاجة الى شيء يشدني الى خشبة المسرح بعد انقطاع طال بيننا . وفي النهاية لا يسعني الا أن أتقدم بالشكر لوزارة الثقافة و مديرية المسارح و إدارة المهرجان على الجهود التي بذلوها لإنجاح هذه الدورة من مهرجان دمشق المسرحي , مؤكدا أن عودته هي التكريم الكبير لنا جميعا . *في دور " عبد الملك بن مروان " أعدت للمشاهد ألق الأعمال التاريخية الهامة ؟ مسلسل " فارس بني مروان " من أهم الأعمال التاريخية التي عرفتها شاشة رمضان , وقد جاء الأستاذ محمود عبد الكريم في كتابته , حيث أعطى فترة بني أمية حقها و أنصفها , وخلصها من بعض المفاهيم الأيديولوجية المسيطرة , أو لنقل أنه نقل الصراع في الدولة الأموية من حقل الأيديولوجيا الى حقل السياسة , باعتباره صراعا سياسيا على السلطة . وإذا كان العمل يرصد سيرة حياة " مسلمة بن عبد الملك " ابن الخليفة " مروان بن عبد الملك " وشقيق اربع خلفاء لاحقين , فإنه رصد من خلاله فترة ازدهار الدولة الأموية من الفتوحات الى الشعر , ومن البطولات الى العلم , فهذه الدولة التي امتدت من حدود الصين الى قلب أوروبا شكلت حالة غنية بكل شيء , وصولا الى الصراعات الداخلية التي حكمت علاقات السلطة فيها . أما عن دور الخليفة " عبد الملك بن مروان " الذي أجسده , فقد كان شخصية استثنائية وسط عصر من الصراعات السياسية و الأيديولوجية المتباينة , فلجأ الى نوع من القسوة في إدارة الأزمة ليمسك بخيوط اللعبة , حتى نجح في بناء أهم دولة في عصره , و كثير من المؤرخين يعتبرون " عبد الملك بن مروان " هو الذي بنى الدولة الأموية على أسس صحيحة و بمفهوم جديد للدولة , وليس " معاوية بن أبي سفيان " و رغم كثرة الأدوار التاريخية التي لعبتها , إلا أن شخصية " عبد الملك بن مروان " أسرتني منذ قراءة النص , حيث كانت مرسومة بأكثر من مستوى , وهو ما دفعني خارج حدود التعاطف معها أو أن أحبها , إن ما حدث هو تقاطع عجيب بيني و بين هذه الشخصية , جعلني أقدمها بصدق كبير . *في هذه الدورة الرمضانية شاهدناك في أكثر من دور تاريخي ؟ الدور الأساسي الذي لعبته هذا العام كان دور " عبد الملك بن مروان " إذ أن مسلسل " الطارق " عمل صور العام المنصرم عن شخصية طارق بن زياد , إلا أن عرضه تأخر حتى هذه الدورة . أما بخصوص مسلسل " العدول " فهو يندرج تحت يافطة الأعمال الفانتازية , مع أنه يستعير الأزياء التاريخية , وهو نمط من المسلسلات التي تألقت فيها الدراما السورية . ودوري في " العدول " يختلف عن أدواري السابقة , إذ ألعب شخصية " الأنوق " وهو انسان فيه الكثير من الغموض و الثعلبة , حتى أنه استغل غياب " العم – الحاكم " في ظروف غامضة لمدة عشر سنوات , حتى اتيح له أن ينقض على السلطة , وكان خلال السنوات العشر السابقة قد أنجز عددا من التصفيات السياسية و الشخصية في جواره , يخوض " الأنوق " صراعاته من أجل الوصول الى السلطة , ثم يبدأ صراعه الآخر مع الناس , حيث يواجه بثورة شعبية تنجح في الانتصار عليه , وعموما كانت شخصية الأنوق شخصية مركبة و غير أحادية الجانب و أهمية هذا العمل من خلال المقولة التي يحملها , و الأمل الذي يزرعه , وهو أول عمل تاريخي للمخرج " إياد نصار " الذي ارتقى بالعمل من مستوى الحكاية الى مستوى المقولة و العبرة , وقد وفرت الجهة الانتاجية في الأردن " أنجاد فيلم " الكثير من مقومات نجاح هذا العمل . *إضافة لذلك كان لك ادوار هامة في الدراما المعاصرة ؟ لعبت في مسلسل " قتل الربيع " دور رجل شكاك , انفصل عن زوجته قبل عشرين عاما بسبب شكه بخيانتها , لذلك لم يعد يثق بالنساء , وهذا ما ينعكس على علاقته مع ابنته الوحيدة , فكلما جاءها عريس يسعى الى عرقلة زواجها منه , حتى يفاجأ بعد كل هذا الزمن ببراءة زوجته فيصيبه الندم بعد فوات الأوان , ويدرك الهاوية التي أوداه بها سوء الظن , وانعكاس ذلك على ولده . المسلسل دراما اجتماعية معاصرة , من إخراج يوسف رزق , تحكي عن مجموعة أسر تقطن في بناء واحد , لكل أسرة مشاكلها و همومها , وهو يرصد تناقضات النفس البشرية في مواجهة هذه الإشكالات الحياتية , والتي تنقلب باستمرار في مواجهة الواقع . كما أديت شخصية زكي بيك في " الخيط الأبيض " مع المخرج هيثم حقي , وهي شخصية رجل عصامي يمتلك امبراطورية مالية ويسعى الهيمنة في أكثر من مجال . *هذه الشخصية بقدر ما بدت إشكالية بقدر ما كانت واقعية ؟ شخصية زكي بيك نموذج لشخصية مدير سابق في القطاع العام , استغل منصبه لبناء ثروة شخصية , وارتكب العديد من الأخطاء , لكنه بعدما انتقل الى القطاع الخاص , وأصبح رجل الاقتصاد البارز في المجتمع , و أنشأ العديد من المؤسسات التي ساهمت في تقدم اقتصاد البلاد , هل نغفر له تاريخه و اخطاءه السابقة ؟ هذا الموضوع مهم جدا على صعيد المقولات المطروحة في هذه المرحلة , وخاصة ما يتعلق منها بالانتقال من الاقتصاد المركزي الى اقتصاد السوق , وهو طرح ملّح في واقعنا . المسلسل يتحرك في خطين دراميين , الأول يعالج قضايا الإعلام و المؤسسات الإعلامية التي تطرح لأول مرة دراميا , بينما الخط الثاني يعالج واقع هذه الشريحة الاقتصادية الجديدة , وعلاقتها بالتحولات الاقتصادية والسياسية الراهنة في واقعنا . *مشاركتك في كل هذه الأعمال ألا تشكل ضغطا على الممثل ؟ أنا أولا لا أصور في عملين دفعة واحدة , انتهي من عمل لأبدأ في آخر , خاصة و أن ظروف عملنا تساعد في ذلك , لا تظن أن تصوير أي دور في مسلسل – حتى الرئيسي منها – يستغرق أكثر من شهرين , وبالتالي يستطيع الممثل أن يرتاح لينتقل الى عمل آخر , ويبقى هذا جهدا و ارهاقا على الصعيد البشري , أما على الصعيد الإبداعي فلا توجد خطورة , يستطيع الممثل دراسة الشخصية التي سيلعبها و العصر الذي سيتحرك فيه بدون تشويش . ومع ذلك , وكي لا أكرر نفس الأدوار , اعتذرت هذا العام عن سبعة أعمال فيها كثير من التشابه بينها و بين الأعمال التي نفذتها أو شاركت بها . *كان التنوع واضحا في ادوارك ؟ أنا من نوع المخرج الممثل في المسرح , ولا أحب أن أحصر نفسي في زاوية معينة , أو لون محدد من التمثيل , لا التاريخي ولا المعاصر ولا الكوميديا أو التراجيديا , أنا أمثل أي نوع من أنواع الدراما , المهم بالنسبة لي هو مقولة العمل ... جودته ... المخرج ... الجهة المنتجة , وهل ستوفر معطيات نجاح هذا العمل ؟ والى أي درجة استطيع أن أوصل من خلال شخصيتي مقولة العمل ؟ هذه هي الأشياء أو المسائل التي تعنيني أولا و آخرا , والتي على الممثل أن يهتم بها .
|